الأمرين تلازما واقعيا من دون [ نظر ](١) إلى ثبوت أحدهما بالدليل اللفظي أو غيره ، وذلك مثل ما نحن فيه ، فان النظر فيه إلى أمر واقعي وهو مجرد التلازم بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها ليحصل الانتقال من وجوب ذي المقدمة إلى وجوبها ، سواء كان الدليل على وجوب ذي المقدمة لفظيا أو كان لبيا كالاجماع ونحوه ، أو كان عقليا كما لو أثبتنا وجوب ذي المقدمة بقاعدة التحسين والملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، فإنّ هذه الامور تكون من قبيل الصغريات في مسألتنا وهي حكم العقل بالتلازم بين وجوب ذي المقدمة ووجوب المقدمة.
وحيث كان المنظور إليه في البحث في مسألتنا هو هذه الجهة أعني حكم العقل بالتلازم بين الوجوبين ، كان المتعين عدّها من المباحث العقلية دون اللفظية ، وإن كان إثبات أحد المتلازمين أعني وجوب ذي المقدمة قد يكون بالدليل اللفظي ، لما عرفت من أن نسبة ذلك إلى أصل محل البحث كنسبة الصغرى إلى الحكم الكبروي ، فلاحظ وتأمل.
فلا فرق بين أن يكون الدليل على أحد المتلازمين هو اللفظ ، أو كان هو الاجماع ونحوه ، أو كان عقليا صرفا كما لو أثبتنا وجوب ذي المقدمة بقاعدة الملازمة والتحسين العقلي ، والفرق بينها وبين المفاهيم واضح ، فان الدليل في المفاهيم منحصر باللفظ الذي هو المنطوق ، فأخذنا الملازمة بين الحكمين مسلّمة وجعلنا محل البحث هو دلالة اللفظ الذي هو المنطوق على الملزوم ، فكان البحث فيها لفظيا ، بخلاف مسألتنا فان محل البحث
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة به ].