من سجوده ، فسل سيفه ونادى : لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصى الله ، ثم ضربه بالسيف على ام رأسه ، ففضى نحبه لوقته ، فبادر الناس وقبضوا عليه وأخذوا سيفه من يده وأوجعوه ضربا ( شديدا ) وقالوا له : يا عدو الله قتلت رجلا مسلما ساجدا في محرابه ، فقال : يا حمير أهل مصر إنه يستحق القتل ، قالوا : بما ذا ويلك؟ قال : لسعيه في الفتنة ، لانه الداهية الدهماء الذي أثار الفتنة ونبذها وقواها ، وزين لمعاوية محاربة علي ، فقالوا له : ياويلك من تعني؟ قال : الطاغي الباغي الكافر الزنديق عمر وبن العاص الذي شق عصا المسلمين ، وهتك حرمة الدين ، قالوا : لقد خاب ظنك وطاش سهمك ، إن الذي قتلته ما هو ، إنما هو خارجة ، فقال : يا قوم المعذرة إلى الله وإليكم ، فوالله ما أردت خارجة وإنما أردت قتل عمرو ، فأوثقوه كتافا وأتوا به إلى عمرو ، فلما رآه قال : أليس هذا هو صاحبنا الحجازي؟ قالوا له : نعم ، قال : ما باله؟ قالوا : إنه قد قتل خارجة ، فدهش عمرو لذلك وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ثم التفت إليه وقال : يا هذا : لم فعلت ذلك؟ فقال له : والله يا فاسق ما طلبت غيرك ولا أردت سواك ، قال : ولم ذلك؟ قال : إنا ثلاثة تعاهدنا بمكة على قتلك وقتل علي بن أبي طالب ومعاوية في هذه الليلة ، فإن صدقا صاحباي فقد قتل علي بالكوفة ومعاوية بالشام ، وأما أنت فقد سلمت ، فقال عمرو : يا غلام احبسه حتى نكتب إلى معاوية فحبسه حتى أمره معاوية بقتله فقتله.
وأما عبدالله العنبري فقصد دمشق واستخبر عن معاوية فارشد إليه ، فجعل يتردد إلى داره فلا يتمكن من الدخول إليه ، إلى أن أذن معاوية يوما للناس إذنا عاما ، فدخل إليه مع الناس وسلم عليه ، وحادثه ساعة وذكر له ملوك بني قحطان ومن له كلام مصيب حتى ذكر له بني عمه ـ وهم أول ملوك قحطان ـ وشيئا من أخبارهم ، فلما تفرقوا بقي عنده مع خواصه ، وكان فصيحا خبيرا بأنساب العرب وأشعارهم ، فأحبه معاوية حبا شديدا ، فقال : قد أذنت لك في كل وقت نجلس