وضل له افق السماء كآبة |
|
كشقة ثوب لونها لون عندم (١) |
وناحت عليه الجن إذ فجعت به |
|
حنينا كثكلى نوحها بترنم |
وأضحى إليها الجود والنبل مقتما (٢) |
|
وكان التقى في قبره المتهدم |
وأضحى التقى والخير والحلم والنهى |
|
وبات العلى في قبره المتهدم |
يكاد الصفا والمستجار كلاهما |
|
يهدا وبان النقص في ماء زمزم |
لفقد علي خير من وطئ الحصى |
|
أخا العالم الهادي النبي المعظم |
فالمعنى عند ذلك أن السماوات والارض والملائكة والجن والانس قد بكت ورثته في تلك الليلة ، وسمعنا في الهواء جلبة عظيمة وتسبيحا وتقديسا ، فعلمنا أنها أصوات الملائكة ، فلم تزل كذلك حتى بدا الصباح ، فارتفعت الاصوات فخرجنا وإذا بصائح في الهواء وو يقول :
يا للرجال لعظم هول مصيبة |
|
قدحت فليس مصابها بالهازل |
والشمس كاسفة لفقد إمامنا |
|
خير الخلائق والامام العادل |
يا خير من ركب المطي ومن مشى |
|
فوق الثرى من حافي أو ناعل |
يا سيدي ولقد هددت قواءنا |
|
والحق أصبح خاضعا للباطل |
قال محمد بن الحنفية : ثم أخذنا في جهازه ليلا وكان الحسن عليهالسلام يغسله و الحسين عليهالسلام يصب الماء عليه ، وكان يحتاج إلى من يقلبه ، بل كان يتقلب كما يريد الغاسل يمينا وشمالا ، وكانت رائحته أطيب من رائحة المسك والعنبر ، ثم نادى الحسن عليهالسلام باخته زينب وام كلثوم وقال : يا اختاه هلمي بحنوط جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فبادرت زينب مسرعة حتى أتته به ، قال الراوي : فلما فتحته فاحت الدار وجميع الكوفة وشوارعها لشدة رائحة ذلك الطيب ، ثم لفوه بخمسة أثواب كما أمر عليهالسلام ثم وضعوه على السرير ، وتقدم الحسن والحسين عليهماالسلام
____________________
(١) العندم : خشب نبات يصبغ به.
(٢) قتم وجهه : تغير واسود.