إلى السرير من مؤخره وإذا مقدمه قد ارتفع ولا يرى حامله ، وكان حاملاه من مقدمه جبرئيل وميكائيل ، فما مر بشئ على وجه الارض إلا انحنى له ساجدا وخرج السرير من ماييل باب كندة ، فحملا مؤخره وسارا يتبعان مقدمه.
قال ابن الحنفية رضياللهعنه : والله لقد نظرت إلى السرير وإنه ليمر بالحيطان والنخل فتنحني له خشوعا ، ومضى مستقيما إلى النجف إلى موضع قبره الآن ، قال : وضجت الكوفة بالبكاء والنحيب ، وخرجن النساء يتبعنه لا طمات حاسرات ، فمنعهم الحسن عليهالسلام ونهاهم عن البكاء والعويل ، وردهن إلى أما كنهن والحسين عليهالسلام يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون يا أباه وا انقطاع ظهراه ، من أجلك تعلمت البكاء ، إلى الله المشتكى.
فلما انتهيا إلى قبره وإذا مقدم السرير قد وضع ، فوضع الحسن عليهالسلام مؤخره ثم قام الحسن عليهالسلام وصلى عليه والجماعة خلفه ، فكبر سبعا كما أمره به أبوه عليهالسلام ثم زحزحنا سريره وكشفنا التراب وإذا نحن بقبر محفور ولحد مشقوق وساجة منقورة مكتوب عليها : « هذا ما ادخره له جده نوح النبي للعبد الصالح الطاهر المطهر » فلما أرادوا نزوله سمعوا هاتفا يقول : أنزلوه إلى التربة الطاهرة ، فقد اشتاق الحبيب إلى الحبيب ، فدهش الناس عند ذلك وتحيروا ، والحد أميرالمؤمنين عليهالسلام قبل طلوع الفجر.
قال الراوي : لما الحد أميرالمؤمنين عليهالسلام وقف صعصعة بن صوحان العبدي رضياللهعنه على القبر ، ووضع إحدى يديه على فؤاده والاخرى قد أخذبها التراب ويضرب به رأسه ، ثم قال : بأبي أنت وامي يا أميرالمؤمنين ، ثم قال : هنيئا لك يا أبا الحسن ، فلقد طاب مولدك ، وقوي صبرك ، وعظم جهادك ، وظفرت برأيك ، وربحت تجارتك ، وقدمت على خالقك ، فتلقاك الله ببشارته ، وحفتك ملائكته ، واستقررت في جوار المصطفى ، فأكرمك الله بجواره ، ولحقت بدرجة أخيك المصطفى ، وشربت بكأسه الاوفى ، فاسأل الله أن يمن علينا باقتفائنا أثرك والعمل بسيرتك ، والموالاه لاوليائك ، والمعاداة لاعدائك ، وأن يحشرنا في زمرة