أوليائك ، فقد نلت مالم ينله أحد ، وأدركت مالم يدركه أحد ، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده ، وقمت بدين الله حق القيام ، حتى أقمت السنن ، وأبرت الفتن (١) واستقام الاسلام ، وانتظم الايمان ، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام ، بك اشتد ظهر المؤمنين ، واتضحت أعلام السبل ، واقيمت السنن ، وما جمع لاحد مناقبك وخصالك ، سبقت إلى إجابة النبي صلىاللهعليهوآله مقدما مؤثرا ، وسارعت إلى نصرته ، ووقيته بنفسك ، ورميت سيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر ، قصم الله بك ( كل جبار عنيد ، ودل بك ) كل ذي بأس شديد وهدم بك حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والردى ، وقتل بك أهل الضلال من العدى ، فهنيئا لك يا أميرالمؤمنين ، كنت أقرب الناس من رسول الله صلىاللهعليهوآله قربا وأولهم سلما ، وأكثر هم علما وفهما ، فهنيئا لك يا أبا الحسن ، لقد شرف الله مقامك وكنت أقرب الناس إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله نسبا ، وأولهم إسلاما ، وأوفاهم يقينا ، وأشدهم قلبا ، وأبذلهم لنفسه مجاهدا ، وأعظمهم في الخير نصيبا ، فلا حرمنا الله أجرك ولا أذلنا بعدك ، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر ، وإن يومك هذا مفتاح كل شر ومغلاق كل خير ، ولو أن الناس قبلوا منك لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة.
ثم بكى بكاء شديدا وأبكى كل من كان معه ، وعدلوا إلى الحسن والحسين ومحمد وجعفر والعباس ويحيى وعون وعبدالله عليهمالسلام فعزوهم في أبيهم صلوات الله عليه ، وانصرف الناس ، ورجع أولاد أميرالمؤمنين عليهالسلام وشيعتهم إلى الكوفة ، ولم يشعر بهم أحد من الناس ، فلما طلع الصباح وبزغت الشمس أخرجوا تابوتا من دار أميرالمؤمنين عليهالسلام وأتوا به إلى المصلى بظاهر الكوفة ، ثم تقدم الحسن عليهالسلام وصلى عليه ، ورفعه على ناقة وسيرها مع بعض العبيد.
قال الراوي : فلما كان الغداة اجتمعوا لاجل قتل الملعون ، قال أبومخنف :
____________________
(١) أبره : أصلحه.