إحداهما إلى الاخرى سعي المتحابين طالت غيبة أحدهما عن الآخر واشتد شوقه وانضما ، فقال قوم من منافقي العسكر : إن عليا يضاهي في سحره رسول الله ابن عمه! ما ذاك رسول الله ولا هذا إمام ، وإنما هما ساحران! لكنا سندور من خلفه فننظر إلى عورته وما يخرج منه ، فأوصل الله عزو جل ذلك إلى اذن علي من قبلهم فقال جهرا : يا قنبر إن المنافقين أرادوا مكايدة وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله وظنوا أنه لا يمتنع منهم إلا بالشجرتين ، فارجع إليهما ـ يعني الشجرتين ـ فقل لهما : إن وصي رسول الله صلىاللهعليهوآله يأمر كما أن تعودا إلى مكانكما ، ففعل ما أمره به فانقلعتا وعدت (١) كل واحدة تفارق الاخرى كهزيمة الجبان من الشجاع البطل ، ثم ذهب علي عليهالسلام ورفع ثوبه ليقعد ، وقد مضى من المنافقين جماعة لينظروا إليه ، فلما رفع ثوبه أعمى الله تعالى أبصارهم فلم يبصروا شيئا ، فولوا عنه وجوههم فأبصروا كما كانوا يبصرون ، فنظروا إلى جهته فعموا ، فما زالوا ينظرون إلى جهته ويعمون ويصرفون عنه وجوههم ويبصرون إلى أن فرغ علي عليهالسلام وقام ورجع ، وذلك ثمانون مرة من كل واحدة. ثم ذهبوا ينظرون ما خرج عنه فاعتقلوا في مواضعهم فلم يقدروا أن يروها ، فإذا انصرفوا أمكنهم الانصراف ، أصابهم ذلك مائة مرة حتى نودي فيهم بالرحيل ، فرحلوا وما وصلوا إلى ما أرادوا من ذلك ، ولم يزدهم ذلك إلا عتوا وطغيانا وتماريا في كفرهم وعنادهم.
فقال بعضهم لبعض : انظروا إلى هذا العجب من هذه آياته ومعجزاته ويعجز (٢) عن معاوية وعمرو ويزيد! فنظروا ، فأوصل الله عزوجل ذلك من قبلهم إلى اذنه فقال علي عليهالسلام : يا ملائكة (٣) ايتوني بمعاوية وعمرو ويزيد ، فنظروا في الهواء فإذا ملائكة كأنهم السودان قد علق كل واحد منهم بواحد ، فأنزلوهم إلى حضرته فإذا أحدهم معاوية والآخر عمرو والآخر يزيد ، فقال علي عليهالسلام : تعالوا فانظروا
____________________
(١) في المصدر : وعادت.
(٢) في المصدر : يعجز.
(٣) في المصدر : يا ملائكة ربى.