والتحميد والتعظيم والتقديس ، ثم قاموا بين يديه قالوا : مرنا بأمرك يا أميرالمؤمنين و خليفة رب العالمين صلوات الله عليك ، فقال عليهالسلام : يا ملائكة ربي ائتوني الساعة بإبليس الابالسة وفرعون الفراعنة ، قال : فوالله ما كان بأسرع من طرفة عين حتى أحضروه عنده ، فقال عليهالسلام : ارفعوا أعينكم ، قال : فرفعنا أعيننا ونحن لا نستطيع أن ننظر إليه من شعاع نور الملائكة فقلنا : يا أميرالمؤمنين الله الله في أبصارنا فما ننظر شيئا البتة ، وسمعنا صلصلة (١) السلاسل واصطكاك الاغلال ، وهبت ريح عظيمة ، فقالت الملائكة : يا خليفة الله زد الملعون لعنة وضاعف عليه العذاب ، فقلنا : يا أميرالمؤمنين الله الله في أبصارنا ومسامعنا ، فوالله ما نقدر على احتمال هذا السر والقدر ، قال : فلما جروه بين يديه قام وقال : واويلاه من ظلم آل محمد واويلاه من اجترائي عليهم ، ثم قال : يا سيدي ارحمني فإني لا أحتمل هذا العذاب ، فقال عليهالسلام : لا رحمك الله ولا غفر لك أيها الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان ، ثم التفت إلينا وقال عليهالسلام : أنتم تعرفون هذا باسمه وجسمه؟ قلنا : نعم يا أميرالمؤمنين ، فقال عليهالسلام : سلوه حتى يخبركم من هو ، فقالوا : من أنت؟ فقال : أنا إبليس الابالسة وفرعون هذه الامة أنا الذي جحدت سيدي ومولاي أميرالمؤمنين وخليفة رب العالمين ، وأنكرت آياته ومعجزاته. ثم قال أميرالمؤمنين عليهالسلام : يا قوم غمضوا أعينكم ، فغمضنا أعيننا فتكلم عليهالسلام بكلام أخفى ، فإذا نحن في الموضع الذي كنا فيه لا قصور ولا ماء ولا غدران ولا أشجار.
قال الاصبغ بن نباتة رضياللهعنه : والذي أكرمني بما رأيت من تلك الدلائل والمعجزات ما تفرق القوم حتى ارتابوا وشكوا! وقال بعضهم : سحر وكهانة و إفك! فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام : إن بني إسرائيل لم يعاقبوا ولم يمسخوا إلا بعد ما سألوا الآيات والدلالات ، فقد حلت عقوبة الله بهم ، والآن حلت لعنة الله فيكم وعقوبته عليكم ، قال الاصبغ بن نباته رضياللهعنه : إني أيقنت أن العقوبة حلت بتكذيبهم الدلالات والمعجزات.
____________________
(١) الصلصلة : الصوت.