فيقولون نأتيكم إن شاء الله فيرجعون إلى أزواجهم بمقالاتهم فيزدادون إليهم شوقا إذا هم خبروهم بما هم فيه من الكرامة وقربهم من الحسين عليه السلام فيقولون الحمد لله الذي كفانا الفزع الأكبر وأهوال القيامة ونجانا مما كنا نخاف ويؤتون بالمراكب والرحال على النجائب فيستوون عليها وهم في الثناء على الله والحمد لله والصلاة على محمد وعلى آله حتى ينتهوا إلى منازلهم.
١٤ ـ مل : محمد بن عبد الله عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وأحدثه فدخل عليه ابنه فقال له مرحبا وضمه وقبله وقال حقر الله من حقركم وانتقم ممن وتركم وخذل الله من خذلكم ولعن الله من قتلكم وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء.
ثم بكى وقال يا أبا بصير إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم وإليهم يا أبا بصير إن فاطمة لتبكيه وتشهق فتزفر جهنم زفرة لو لا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة وإن البحار تكاد أن تنفتق فيدخل بعضها على بعض وما منها قطرة إلا بها ملك موكل فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها (١) بأجنحته وحبس بعضها على بعض مخافة على الدنيا ومن فيها ومن على الأرض فلا تزال الملائكة مشفقين يبكون لبكائها ويدعون الله ويتضرعون إليه ويتضرع أهل العرش ومن حوله وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض ولو أن صوتا من أصواتهم يصل
__________________
(١) يقال : نأرت النائرة نارا : هاجت ، والمراد ثوران الماء وغليانها ، ولذلك عبر بقوله « أطفأ ».