من أهلك قد أخذت ولده فأحب أن ترده عليه قال ليظهر لي حتى أعرفه فلما أن كان من الغد دخل إلى الملك فلما رآه الملك ضحك فقال ما يضحكك أيها الملك قال ما أظن هذا الرجل ولدته عربية لما رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل يضرط فقال أيها الملك إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك فلما قدم الزبير تحمل [ عليه ] ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى ثم تحمل عليه بعبد المطلب فقال ما بيني وبينه عمل أما علمتم ما فعل في ابني فلان ولكن امضوا أنتم إليه فقصدوه وكلموه فقال لهم الزبير إن الشيطان له دولة وإن ابن هذا ابن الشيطان ولست آمن أن يترأس علينا ولكن أدخلوه من باب المسجد علي على أن أحمي له حديدة وأخط في وجهه خطوطا وأكتب عليه وعلى ابنه أن لا يتصدر في مجلس ولا يتأمر على أولادنا ولا يضرب معنا بسهم قال ففعلوا وخط وجهه بالحديدة وكتب عليه الكتاب وذلك الكتاب عندنا فقلت لهم إن أمسكتم وإلا أخرجت الكتاب ففيه فضيحتكم فأمسكوا.
وتوفي مولى لرسول الله صلىاللهعليهوآله لم يخلف وارثا فخاصم فيه ولد العباس أبا عبد الله عليهالسلام وكان هشام بن عبد الملك قد حج في تلك السنة فجلس لهم فقال داود بن علي الولاء لنا وقال أبو عبد الله عليهالسلام بل الولاء لي فقال داود بن علي إن أباك قاتل معاوية فقال إن كان أبي قاتل معاوية فقد كان حظ أبيك فيه الأوفر ثم فر بجنايته (١) وقال والله لأطوقنك غدا طوق الحمامة فقال له داود بن
__________________
(١) هذا الحديث من حديث الغالية ، ويكفى في الاعراض عنه ان في طريقه أحمد ابن هلال وهو العبرتائى الذي وصفه الشيخ بانه كان غاليا متهما في دينه ، وقال فيه العلامة :
ورد فيه ذموم عن سيدنا أبى محمد العسكري عليهالسلام ، وقال الميرزا محمد في رجاله الكبير : وعندي ان روايته غير مقبولة.
هذا من جهة السند ، واما نسبة الخيانة الى حبر الأمة عبد الله بن عباس ( رض ) فهى من أحاديث الوضاعين وقد اشترك في تركيزها عدة عوامل أهمها سلطان بنى أمية بادئ الامر وخصوم بني العباس أخيرا ، وقد استعرضنا في كتابنا الكبير في حياة عبد الله بن عباس ( رض ) في الجزء الرابع منه جميع النقود التي طعن بها في ساحة ابن عباس ( رض ) ومنها ـ وهو أهمها ـ حديث الخيانة المزعوم ، وقد ذكرنا صوره وأدلة القائلين به ، وناقشناه من حيث السند والدلالة مضافا الى ما ذكرناه من مكانة الحبر ابن عباس ( رض ) عند أئمة أهل البيت من معاصريه ، وشيعتهم ، وغير ذلك مما يكذب الحديث المزعوم ويبرى ساحة ذلك الحبر الجليل ، واسأل الله أن يوفقنا لطبعه ونشره ليعم نفعه.