قال له الرشيد : فأنا احب أن أحضر هذا المجلس ، وأسمع كلامهم من غير أن يعلموا بحضوري ، فيحتشمون ولايظهرون مذاهبهم قال : ذلك إلى أمير المؤمنين متى شآء قال : فضع يدك على رأسي ولا تعلمهم بحضوري ، ففعل ، وبلغ الخبر المعتزلة فتشاوروا فيما بينهم ، وعزموا أن لايكلموا هشاما إلا في الامامة ، لعلمهم بمذهب الرشيد وإنكاره على من قال بالامامة.
قال : فحضروا وحضر هشام ، وحضر عبدالله بن يزيد الاباضي وكان من أصدق الناس لهشام بن الحكم ، وكان يشاركه في التجارة فلما دخل هشام سلم على عبدالله ابن يزيد من بينهم ، فقال يحيى بن خالد لعبد الله بن يزيد : ياعبدالله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الامامة فقال هشام : أيها الوزير ليس لهم علينا جواب ولا مسألة هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ثم فارقونا بلا علم ولا معرفة ، فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق ، ولا حين فارقونا علموا على ما فارقونا؟ فليس لهم علينا مسألة ولا جواب.
فقال بيان وكان من الحرورية : أنا أسألك ياهشام ، أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أكانوا مؤمنين؟ أم كافرين؟
قال هشام : كانوا ثلاثة أصناف ، صنف مؤمنون ، وصنف مشركون ، وصنف ضلال.
فأما المؤمنون : فمن قال مثل قولي ، الذين قالوا : إن عليا إمام من عند الله ومعاوية لايصلح لها فآمنوا بما قال الله عزوجل في علي وأقروا به.
وأما المشركون : فقوم قالوا : علي إمام ، ومعاوية يصلح لها ، فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي.
وأما الضلال : فقوم خرجوا على الحمية والعصبية للقبائل والعشائر ، لم يعرفوا شيئا من هذا ، وهم جهال.
قال : وأصحاب معاوية ماكانوا؟ قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف كافرون