بفرط جهله ، وقد رأى يستجره إليه فيتمخرق ويتصوف بانقياده على غيره ، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة ، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والادب أيضا عندهم ، ويقول له في مراسلته إياه : إني وكيل صاحب الزمان عليهالسلام وبهذا أول لا كان يستجر ( الجهال ) ثم يعلو منه إلى غيره وقد امرت بمراسلتك وإظهار ماتريده من النصرة لك ، لتقوى نفسك ، ولا ترتاب بهذا الامر.
فأرسل إليه أبوسهل رضياللهعنه يقول لك : إني أسألك أمرا يسيرا يخف مثله عليك في جنب ماظهر على يديك من الدلائل والبراهين ، وهو أني رجل احب الجواري وأصبو إليهن ولي منهن عدة أتخطاهن والشيب يبعدني عنهن وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة وأتحمل منه مشقة شديدة لاستر عنه ذلك وإلا انكشف أمري عندهن ، فصار القرب بعدا والوصال هجرا ، واريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفينى مؤنته ، وتجعل لحيتي سوداء ، فانني طوع يديك وصائر إليك ، وقائل بقولك ، وداع إلى مذهبك ، مع مالي في ذلك من البصيرة ، ولك من المعونة.
فلما سمع ذلك الحلاج من قوله وجوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته و جهل في الخروج إليه بمذهبه وأمسك عنه ولم يرد إليه جوابا ولم يرسل إليه رسولا وصيره أبوسهل رضياللهعنه احدوثة وضحكة ويطنز به عند كل أحد ، وشهر أمره عند الصغير والكبير ، وكان هذا الفعل سببا لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه.
وأخبرني جماعة عن أبي عبدالله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أن ابن الحلاج صار إلى قم وكاتب قرابة أبي الحسن [والد الصدوق] يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضا ويقول : أنا رسول الامام ووكيله ، قال : فلما وقعت المكاتبة في يد أبي رضي الله عنه خرقها وقال لموصلها إليه : ما أفرغك للجهالات؟ فقال له الرجل وأظن أنه قال : إنه ابن عمته أو ابن عمه فان الرجل قد استدعانا فلم خرقت مكاتبته وضحكوا منه وهزؤوا به ، ثم نهض إلى دكانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه.