ولكن الله رحمه لاطلاق كلمة على ما عنى ، لا على تعمد كذب ، وأنت يا عبدالله اعلم أن الله عزوجل قد خلصه بأنه من موالينا ومحبينا ، وليس من شيعتنا ، فقال الوالي : ماكان هذا كله عندنا إلا سواء فما الفرق؟
قال الامام : الفرق أن شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا ، ويطيعونا في جميع أوامرنا ونواهينا ، فاولئك شيعتنا ، فأما من خالفنا في كثير مما فرضه الله عليه فليسوا من شيعتنا.
قال الامام عليهالسلام للوالي : وأنت قد كذبت كذبة لو تعمدتها وكذبتها لا ابتلاك الله عزوجل بألف سوط وسجن ثلاثين سنة في المطبق ، قال : وما هي يا ابن رسول الله؟ قال : بزعمك أنك رأيت له معجزات إن المعجزات ليست له إنما هي لنا أظهرها الله فيه إبانة لحجتنا ، وإيضاحا لجلالتنا وشرفنا ، ولو قلت : شاهدت فيه معجزات ، لم انكره عليك ، أليس إحياء عيسى الميت معجزة؟ أفهي للميت أم لعيسى؟ أو ليس خلقه ، من الطين كهيئة الطير فصار طيرا باذن الله أهي للطائر أو لعيسى؟ أو ليس الذين جعلوا قردة خاسئين معجزة فهي معجزة للقردة أو لنبي ذلك الزمان ، فقال الوالي : أستغفر الله ربي وأتوب إليه.
ثم قال الحسن بن علي عليهالسلام للرجل الذي قال إنه من شيعة علي عليهالسلام : يا عبدالله لست من شيعة علي عليهالسلام إنما أنت من محبيه ، إنما شيعة علي عليهالسلام الذين قال الله عزوجل فيهم : « والذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون » (١) هم الذين آمنوا بالله ، ووصفوه بصفاته ، ونزهوه عن خلاف صفاته ، وصدقوا محمدا في أقواله وصوبوه في أفعاله ، ورأوا عليا بعده سيدا إماما وقرما هماما ، لا يعدله من امة محمد أحد ، ولا كلهم لو جمعوا في كفة يوزنون بوزنه بل يرجح عليهم كما يرجح السماء على الارض ، والارض على الذرة ، و شيعة علي عليهالسلام هم الذين لا يبالون في سبيل الله أوقع الموت عليهم أو وقعوا على الموت ، وشيعة علي عليهالسلام هم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم ولو كان بهم
__________________
(١) البقرة : ٨٢.