أي لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا « إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا » أي لم يشكوا في دينهم بعد الايمان « وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون » أي الذين صدقوا في ادعاء الايمان ، فيدل على أن للاعمال مدخلا في الايمان إما بالجزئية ، أو الاشتراط أو هي كاشفة منه كما سيأتي تحقيقه إنشاء الله « قل أتعلمون الله بدينكم » أي أتخبرونه به بقولكم آمنا « والله يعلم ما في السموات وما في الارض والله بكل شئ عليم » هو تجهيل لهم وتوبيخ.
روي أنه لما نزلت الاية المتقدمة جاؤا وحلفوا أنهم مؤمنون معتقدون فنزلت هذه « يمنون عليك أن أسلموا » أي يعدون إسلامهم عليك منة ، وهي النعمة لا يستثيب مولاها ممن نزلها إليه « قل لا تمنوا علي إسلامكم » أي باسلامكم ، فنصب بنزع الخافض ، أو تضمين الفعل معنى الاعتداد « يل الله يمن عليكم أن هديكم للايمان » على ما زعمتم مع أن الهداية لا يلزم الاهتداء « إن كنتم صادقين » في ادعاء الايمان ، وجوابه محذوف يدل عليه ما قبله أي فلله المنة عليكم.
وفي سياق الاية لطف ، وهو أنهم لما سموا ما صدر عنهم إيمانا ومنوا به نفى أنه إيمان وسماه إسلاما بأن قال يمنون عليك بما هو في الحقيقة إسلام ، وليس بجدير أن يمن عليك بل لوصح ادعاؤهم للايمان فلله المنة عليهم بالهداية له لا لهم.
« فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين » (١) قال البيضاوي : استدل به على اتحاد الايمان والاسلام وهو ضعيف ، لان ذلك لا يقتضي إلا صدق المؤمن والمسلم على من اتبعه ، وذلك لا يقتضي اتحاد مفهوميهما ، لجواز صدق المفهومات المختلفة على ذات واحدة.
وقال في قوله تعالى : « مسلمات مؤمنات » (٢) مقرات مخلصات أو منقادات مصدقات.
__________________
(١) الذاريات : ٣٦.
(٢) التحريم : ٦.