شريعته والرضا بحكمه « فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم » في الجنة ثم بين المنعم عليهم فقال « من النبيين والصديقين » يريد أنه يستمتع برؤيتهم وزيارتهم و الحضور معهم ، فلا ينبغي أن يتوهم من أجل أنهم في أعلا عليين أنه لا يراهم ، وقيل في معنى الصديق : إنه المصدق بكل ما أمر الله به وبأنبيائه لا يدخله في ذلك شك ويؤيده قوله : « والذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون » (١).
« والشهداء » يعني المقتولين في الجهاد « والصالحين » أي صلحاء المؤمنين الذين لم تبلغ درجتهم درجة النبيين والصديقين والشهداء « وحسن اولئك رفيقا » معناه من يكون هؤلاء رفقاؤه فأحسن بهم من رفيق أو فما أحسنهم من رفيق.
ثم روى ما سيأتي برواية العياشي عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام (٢) ثم قال : « ذلك » إشارة إلى الكون مع النبيين والصديقين ، و « الفضل من الله » ما تفضل الله به على من أطاعه « وكفى به عليما » بالعصاة والمطيعين والمنافقين والمخلصين ، و قيل : معناه حسبك الله عالما بكنه جزاء المطيعين على حقه وتوفير الحظ فيه انتهى (٣).
وأقول : قد مضت أخبار كثيرة في كتاب الامامة (٤) في أن الصديقين و الشهداء هم الائمة عليهمالسلام بل الصالحين أيضا وقد روى الكليني ره في روضة الكافي (٥) في حديث طويل عن الصادق عليهالسلام : ألم تسمعوا ما ذكر الله من فضل اتباع الائمة الهداة وهم المؤمنون قال : « اولئك مع الذين أنعم الله عليهم إلى قوله وحسن اولئك رفيقا » فهذا وجه من وجوه فضل اتباع الائمة فكيف بهم وبفضلهم.
__________________
(١) الحديد : ١٩.
(٢) أبوبصير عن أبى عبدالله عليهالسلام أنه قال : يا أبا محمد لقد ذكر كم الله في كتابه ثم تلا هذه الاية ، وقال : فالنبى رسول الله ، ونحن الصديقون والشهداء. وأنتم الصالحون فتسموا بالصلاح كما سماكم الله تعالى.
(٣) مجمع البيان ج ٣ ص ٧٢.
(٤) راجع ج ٢٤ ص ٣٠ ٤٠. من هذه الطبعة الحديثة.
(٥) الكافى ج ٨ ص ١٠ في رسالة أبى عبدالله عليهالسلام إلى جماعة الشيعة.