من الباطل إلى الحق ، أو الموافقة لملة إبراهيم عليهالسلام قال في النهاية : الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم وأصل الحنف الميل ، ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة ، وفي القاموس : السمحة الملة التي ما فيها ضيق.
وفي النهاية : فيه لا رهبانية في الاسلام ، وهي من رهبنة النصارى ، وأصله من الرهبة الخوف ، كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا ، وترك ملاذها و الزهد فيها ، والعزلة عن أهلها ، وتعمد مشاقها ، حتى أن منهم من كان يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب ، فنفاها النبي صلىاللهعليهوآله عن الاسلام ونهى المسلمين عنها انتهى.
وقال الطبرسي قدسسره في قوله تعالى : « ورهبانية ابتدعوها » (١) : هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في لبسة ، أو انفراد عن الجماعة أو غير ذلك من الامور التي يظهر فيها نسك صاحبه ، والمعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم ، وقيل إن الرهبانية التي ابتدعوها في رفض النساء ، واتخاذ الصوامع عن قتادة ، قال : وتقديره ورهبانية ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله ، فما رعوها حق رعايتها ، وقيل إن الرهبانية التي ابتدعوها لحاقهم بالبراري والجبال في خبر مرفوع عن النبي صلىاللهعليهوآله فما رعوها الذين بعدهم حق رعايتها ، وذلك لتكذيبهم بمحمد صلىاللهعليهوآله عن ابن عباس ، وقيل : إن الرهبانية
__________________
شريعة ولكن اختص كل واحد منهم لاقتضاء الجو والمحيط بخصيصة ممتازة ظهر فيها كونه صاحب عزم وارادة كما خصص كل واحد منهم بمعجزة خاصة تظهره على أهل زمانه.
فقد قام نوح عليهالسلام في جو الشرك وأهل الاشراك فخص بالتوحيد وكان جل سعيه وراء ذلك ، وقام ابراهيم عليهالسلام بالاخلاص في العبادة وموسى بخلع الانداد مثل فرعون ذى الاوتاد ، وعيسى بالفطرة وتطهير الوجدان ، وخص محمد صلى الله عليه وآله بالحنيفية السمحة ، لا رهبانية ولا سياحة : وهى احلال الطيبات وتحريم الخبائث إلى آخر ما ذكر عليهالسلام فتفطن.
(١) الحديد : ٢٧.