ثم المثاني بعدها ، وهي التي تقصر عن المئين وتزيد على المفصل ، وسميت المثاني لان المئين مبادلها ، وأما المفصل فما بعد الحواميم من قصار السور إلى آخر القرآن ، سميت مفصلا لكثرة الفصول بين سورها ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى (١).
وأقول : اختلف في أول المفصل فقيل من سورة ق وقيل من سورة محمد صلىاللهعليهوآله وقيل من سورة الفتح ، وعن النووي مفصل القرآن من محمد إلى آخر القرآن ، وقصاره من الضحى إلى آخره ، ومطولاته إلى عم ومتوسطاته إلى الضحى ، وفي الخبر المفصل ثمان وستون سورة ، وسيأتي تمام الكلام في ذلك في كتاب القرآن.
« وأحل له المغنم » في النهاية الغنيمة والغنم المغنم والغنائم هو ما اصيب من أموال أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب ، وقال : الفئ ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد ، وأصل الفئ الرجوع يقال فاء يفئ فيئة وفيئا ، كأنه في الاصل لهم ثم رجع إليهم انتهى.
أقول : ويحتمل أن يكون المراد بالمغنم المنقولات وبالفئ الاراضي سواء اخذت بحرب أم لا وعلى التقديرين في قوله « له » توسع أي له ولاهل بيته وامته ، و يحتمل أن تكون اللام سببية لا صلة للاحلال فيكون من أحل له غير مذكور فيشمل الجمع والاختصاص لما مر أن الامم السابقة كانوا لا تحل لهم الغنيمة ، بل كانوا يجمعونها فتنزل نار من السماء فتحرقها ، وكان ذلك بلية عظيمة عليهم ، حتى كان قد يقع فيها السرقة فيقع الطاعون بينهم ، فمن الله على هذه الامة باحلالها ، و نصره بالرعب مع قلة العدة والعدة ، وكثرة الاعداء ، وشدة بأسهم « والرعب » الفزع والخوف ، فكان الله تعالى يلقي رعبه في قلوب الاعداء حتى إذا كان بينه و بينهم مسيرة شهرها بوه وفزعوا منه.
« وجعل له الارض مسجدا » أي مصلى يجوز لهم الصلاة في أي موضع شاؤا بخلاف الامم السابقة فان صلاتهم كانت في بيعهم وكنايسهم إلا من ضرورة « وطهورا »
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ١٤.