« إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما » قال في المجمع : أي ينتفعون بأموال اليتامى ويأخذونها ظلما بغير حق ، ولم يرد به قصر الحكم على الاكل ، وإنما خص لانه معظم منافع المال المقصودة « إنما يأكلون في بطونهم نارا » قيل فيه وجهان : أحدهما أن النار تلتهب من أفواههم وأسماعهم وآنافهم يوم القيامة ليعلم أهل الموقف أنهم آكلة أموال اليتامى ، عن السدى وروي عن الباقر عليهالسلام أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواههم نارا فقيل له : يا رسول الله من هؤلاء؟ فقرأ هذه الاية ، والاخر أنه ذكر ذلك على وجه المثل من حيث أن من فعل ذلك يصير إلى جهنم فيمتلئ بالنار أجوافهم عقابا على أكلهم مال اليتيم « وسيصلون سعيرا » أي يلزمون النار المسعرة للاحراق ، وإنما ذكر البطون تأكيدا كما يقال نظرت بعيني ، وقلت بلساني ، وأخذت بيدي ، و مشيت برجلي انتهى (١).
و « أنزل في الكيل » فان قيل سورة المطففين من السور المكية والغرض هنا بيان التكاليف المتجددة بالمدينة ، قلنا : لاعبرة بما ذكره المفسرون في ذلك مع أنهم اختلفوا في هذه السورة قال في مجمع البيان : مكية وقال المعدل مدنية عن الحسن والضحاك وعكرمة ، قال : وقال ابن عباس وقتادة : إلا ثماني آيات منها « هي إن الذين أجرموا » إلى آخر السورة انتهى (٢) فالخبر يؤيد قول هؤلاء الجماعة ، ويؤيده ما رواه في مجمع البيان في سبب نزول صدر السورة عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوآله المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله عزوجل « ويل للمطففين » فأحسنوا الكيل بعد ذلك ، وروي عن السدى أنه صلىاللهعليهوآله قدم المدينة وبها رجل يقال له أبوجهينة ، ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالاخر ، فنزلت الايات (٣) ويؤنسه أن الطبرسي رحمهالله ذكرها
____________________
(١) مجمع البيان ج ٣ ص ١٢ و ١٣.
(٢) المصدر ج ١٠ ص ٤٥٠
(٣) المصدر ج ١٠ ص ٤٥٢.