أكثر ثوابا عندالله من النفقة والجهاد بعد ذلك ، وذلك أن القتال قبل الفتح كان أشد ، والحاجة إلى النفقة وإلى الجهاد كان أكثر وأمس ، وقسيم من أنفق محذوف لوضوحه ودلالة ما بعده عليه ، والفتح فتح مكة إذ عز الاسلام به وكثر أهله وقلت الحاجة إلى المقاتلة والانفاق « من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا » أي من بعد الفتح « وكلا وعدالله الحسنى » أي كلا من المنفقين وعدالله المثوبة الحسنى وهي الجنة « والله بما تعملون خبير » عالم بظاهره وباطنه فمجازيكم على حسبه.
« يرفع الله الذين آمنوا منكم » (١) قال ابن عباس يرفع الله الذين اوتوا العلم من المؤمنين درجات على الذين لم يؤتوا العلم درجات ، وقيل : معناه لكي يرفع الله الذين آمنوا منكم بطاعتهم للرسول صلىاللهعليهوآله درجة والذين اوتوا العلم بفضل علمهم وسابقتهم درجات في الجنة وقيل : في مجلس الرسول صلىاللهعليهوآله.
« للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم » (٢) فان كفار مكة أخرجوهم وأخذوا أموالهم « يبتغون فضلا من الله ورضوانا » حال مقيدة لاخراجهم بما يوجب تفخيم شأنهم « وينصرون الله ورسوله » بأنفسهم وأموالهم « اولئك هم الصادقون » الذين ظهر صدقهم في إيمانهم « والذين تبوؤا الدار والايمان » عطف على المهاجرين ، والمراد بهم الانصار ، فانهم لزموا المدينة وتمكنوا فيهما وقيل : المعنى تبوؤا دارالهجرة ودار الايمان ، فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الاول وعوض عنه اللام ، أو تبوؤا الدار وأخلصوا الايمان « من قبلهم » أي من قبل هجرة المهاجرين ، وقيل : تقدير الكلام والذين تبوؤا الدار من قبلهم والايمان (٣) « يحبون من هاجر إليهم » ولايثقل عليهم « ولا يجدون في صدورهم » أي في أنفسهم « حاجة » أي ما يحمل عليه الحاجة كالطلب والحزازة والحسد والغيظ « مما اوتوا » أي مما اعطى المهاجرون وغيرهم « ويؤثرون على أنفسهم » أي
____________________
(١) المجادلة : ١١.
(٢) الحشر : ٨.
(٣) أنوار التنزيل : ٤٢٧.