يقدمون المهاجرين على أنفسهم « ولو كان بهم خصاصة » أي حاجة « ومن يوق شح نفسه » حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الانفاق « فاولئك هم المفلحون » الفائزون بالثناء العاجل والثواب الاجل.
« والذين جاؤا من بعدهم » قيل : هم الذين هاجروا من بعد حين قوي الاسلام أو التابعون باحسان ، وهم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة ولذلك قيل إن الاية قد استوعبت جميع المؤمنين « يقولون ربنا اغفرلنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان » أي يدعون ويستغفرون لانفسهم ولمن سبقهم بالايمان « ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا » حقدا وغشا وعداوة « ربنا إنك رؤف رحيم » أي متعطف على العباد منعم عليهم.
وأقول : إنما أوردناها لدلالتها من جهة الترتيب الذكري على فضل المهاجرين من الصحابة على الانصار ، وفضلهما على التابعين لهم باحسان.
١ ـ كا : عن العدة عن البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمار بن أبي الاحوص عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الله عزوجل وضع الايمان على سبعة أسهم : على البر والصدق ، واليقين ، والرضا ، والوفاء ، والعلم ، والحلم ، ثم قسم ذلك بين الناس ، فمن جعل فيه هذه السبعة الاسهم فهو كامل محتمل ، وقسم لبعض الناس السهم ولبعض السهمين ولبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى السبعة ، ثم قال : لاتحملوا على صاحب السهم سهمين ، ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهظوهم ثم قال كذلك حتى انتهى إلى السبعة (١).
توضيح : البر الاحسان إلى نفسه وإلى غيره ، ويطلق غالبا على الاحسان بالوالدين والاقربين والاخوان من المؤمنين كما ورد « من خالص الايمان البر بالاخوان » والصدق : هو القول المطابق للواقع ، ويطلق أيضا على مطابقة العمل للقول والاعتقاد ، وعلى فعل القلب والجوارح المطابقين للقوانين الشرعية والموارين العقلية ، ومنه الصديق وهو من حصل له ملكة الصدق في جميع هذه الامور ، ولا
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٤٢.