ولم يكلف الله كل امرئ إلى على قدر قابليته ، فلا تحملوا في العلوم والاعمال والاخلاق على كل امرئ إلا بحسب طاقته ووسعه ، كما مر إنما يداق الله العباد في الحساب على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا (١) نعم للاعلى أن ينقل الادنى إلى درجته بالتعليم والتدريج والرفق حتى يصل إلى درجته إن كان قابلا لذلك كما سيأتي إنشاءالله ، وعلى الادنى أن يسعى ويتضرع إلى الله تعالى لان يوفقه للصعود إلى الدرجة العليا « فتبهضوهم » في بعض النسخ بالضاد وفي بعضها بالظاء ، وهما معجمتان متقاربان معنى ، قال : في القاموس بهضني الامر كمنع وأبهضني : أي فدحني وبالظاء أكثر ، وقال : بهضه الامر كمنع غلبه وثقل عليه وبلغ به مشقة والراحلة أوقرها فأتعبها.
٢ ـ كا : عن أبي علي الاشعرى عن محمد بن عبدالجبار ومحمد بن يحيى عن أحمد ابن محمد بن عيسى جميعا ، عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم عن أبي اليقظان عن يعقوب بن الضحاك عن رجل من أصحابنا سراج وكان خادما لابي عبدالله عليهالسلام قال : بعثني أبوعبدالله عليهالسلام في حاجة وهو بالحيرة أنا وجماعة من مواليه قال : فانطلقنا فيها ثم رجعنا مغتمين (٢) قال : وكان فراشي في الحائر الذي كنا فيه نزولا فجئت وأنا بحال فرميت بنفسي ، فبينا أنا كذلك إذا أنا بأبي عبدالله قد أقبل قال : فقال قد أتيناك أو قال جئناك ، فاستويت جالسا وجلس على صدر فراشي فسألني عما بعثني له ، فأخبرته فحمدالله ثم جرى ذكر قوم فقلت : جعلت فداك ، إنا نبرأ منهم إنهم لايقولون ما نقول ، فقال : يتولونا ولايقولون ما تقولون تبرؤون منهم؟
____________________
(١) الكافى ج ١ ص ١١ ، كتاب العقل والجهل تحت الرقم ٧.
(٢) معتمين خ ل ، وقوله « مغتمين » اسم مفعول من باب الافعال ، وأصله وأصله من الغتم وهو شدة الحر الذى يكاد يأخذ بالنفس ، والمغتوم : الذى يجد الحر وهو جائع ، وعبارة التاج : المغتوم الذى لفحه الحر. وهذا المعنى هو المناسب لما بعده : فجئت وأنا بحال فرميت بنفسى. وأما اذا رجع وهو معتم من الدخول في العتمة ، فان وقت العتمة وقت البرد وهبوب الارياح فلا يناسب مابعده.