أضافها إلى نفسه أو لانه لم تضمها الاصلاب والارحام الطوامث ، أو الانجيل ، أو اسم الله الاعظم الذي كان يحيي به الموتى ، وخص عيسى عليهالسلام بالتعيين لافراط اليهود والنصارى في تحقيره وتعظيمه ، وجعل معجزاته سبب تفضيله لانها آيات واضحة ، ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره.
« ثم قال في جماعتهم » ظاهره أن المراد أنه قال ذلك في عموم الانبياء والرسل ، وهو مخالف لظاهر سياق الايات ، والمشهور بين المفسرين ، والايات هكذا « كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز * لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حادالله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه » وقال البيضاوي « اولئك » أي الذين لم يوادوهم (١) وأقول : يمكن توجيهه بوجوه :
الاول أن يكون اولئك إشارة إلى الرسل في قوله ورسلي وهو وإن كان بعيدا لفظا ، فليس ببعيد معنى ، ولا ينافي ما مر في بعض الاخبار أنه الروح الذي في المؤمنين جميعا ويفارقهم في وقت المعصية ، لانهم أكمل المؤمنين ، وفيهم هذا الروح أيضا على وجه الكمال ، وإن كان في سائر المؤمنين صنف منه ، وهذا غير روح القدس كما مر في الخمسة.
الثاني أن يكون إشارة إلى المؤمنين وذكره عليهالسلام هذه الاية لبيان أنهم أيضا مؤيدون بهذا الروح لانهم أكمل المؤمنين كما عرفت.
الثالث أن يكون المراد بجماعتهم الجماعة المخصوصين بالرسل من خواص اممهم وأتباعهم ، وكونه في خواص أتباعهم يستلزم كونه فيهم أيضا. وفي البصائر في حديث جابر بعد قوله وروح البدن : « وبين ذلك في كتابه حيث قال : تلك الرسل فضلنا » الاية وبعدها « ثم قال : في جميعهم وأيدهم بروح منه » وهذا يأبى عن هذا الحمل ، بل عن الثاني أيضا إلا بتكلف.
____________________
(١) أنوار التنزيل : ٤٢٦.