أزيد وأظهر عند النفس من اعتقادها إجمالا فعلم من ذلك قبول حقيقة الايمان الزيادة.
أقول : فيه بحث فان الجازم بحقيقة الجملة جازم بحقيقة كل جزء منها وإن لم يعلمه بعينه ، ألا ترى أنا بعد علمنا بصدق النبي صلىاللهعليهوآله جازمون بصدق كل ما يخبر به ، وإن لم نعلم تفصيل ذلك جزءا جزءا حتى لو فصل ذلك علينا واحدا واحدا لما ازداد ذلك الجزم ، نعم الزائد في التفصيل ، إنما هو إدراك الصور المتعددة من حيث التعدد والتشخص ، وهو لايوجب زيادة في التصديق الاجمالي الجازم ، فان هذه الصور قد كانت مجزوما بها على تقدير دخولها في الهيئة الاجمالية وإنما الشاذ عن النفس إدراك خصوصياتها ، وهو أمر خارج عن تحقق الحقيقة المجزوم بها ، نعم لاريب في حصول الاكملية به ، وليس الكلام فيها.
وقد أجاب بعض المفسرين عن الاية الثالثة بأن تكرار الايمان فيها ليس فيه دلالة على الزيادة بل إما أن يكون باعتبار الازمنة الثلاثة ، أو باعتبار الاحوال الثلاث حال المؤمن مع نفسه ، وحاله مع الناس ، وحاله مع الله تعالى ، ولذا بدل الايمان بالاحسان كما يرشد إليه قوله صلىاللهعليهوآله في تفسيره : الاحسان أن تعبدالله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك ، أو باعتبار المراتب الثلاث : المبدأ والوسط والمنتهى أو باعتبار ما ينبغي فانه ينبغي تر؟ المحرمات حذرا عن العقاب ، وترك الشبهات تباعدا عن الوقوع في المحرمات وهو مرتبة الورع ، وترك بعض المباحات المؤذنة بالنقص حفظا للنفس عن الخسة ، وتهذيبا لها عن دنس الطبيعة ، أو يكون هذا التكرار كناية عن أنه ينبغي للمؤمن أن يجدد الايمان في كل وقت بقلبه ولسانه وأعماله الصالحة وعبر [ به حرصا ] منه على بقائه والثبات عليه عند الذهول ، ليصير الايمان ملكة للنفس ، فلا يزلزله عروض شبهة انتهى.
قيل في بيان قبول الايمان الزيادة : إن الثبات والدوام على الايمان أمر زائد عليه في كل زمان ، وحاصل ذلك يرجع إلى أن الايمان عرض لانه من الكيفيات النفسانية ، والعرض لايبقى زمانين ، بل بقاؤه إنما يكون بتجدد الامثال.
أقول : وهذا مع بنائه على مالم يثبت حقيته بل نفيه فليس من الزيادة في شئ إذلا يقال