تجعل منايانا بها » فلما فتحت مكة صارت دار إسلام كالمدينة ، وانقطعت الهجرة.
والهجرة الثانية من هاجر من الاعراب وغزا مع المسلمين ، ولم يفعل كما فعل أصحاب الهجرة الاولى ، فهو مهاجر ، وليس بداخل في فضل من هاجر تلك الهجرة ، وهو المراد بقوله « لاتنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة » فهذا وجه الجمع بين الحديثين ، وإذا اطلق في الحديث ذكر الهجرتين فانما يراد بهما هجرة الحبشة وهجرة المدينة انتهى.
وقال ابن أبي الحديد : هذا كلام من أسرار الوصية يختص به علي عليهالسلام لان الناس يروون أن النبي صلىاللهعليهوآله قال « لاهجرة بعد الفتح » فشفع عمه العباس في نعيم بن مسعود الاشجعي أن يستثنيه فاستثناه ، وهذه الهجرة التي أشار إليها أميرالمؤمنين عليهالسلام ليست تلك بل هي الهجرة إلى الامام ، وقال بعض الاصحاب : تجب المهاجرة عن بلد الشرك على من يضعف عن إظهار شعائر الاسلام مع المكنة ويستحب للقادر على إظهارها ، تحرزا عن تكثير سواد المشركين ، والمراد بها الامور التي تختص بالاسلام كالاذان والاقامة ، وصوم شهر رمضان ، وغير ذلك وألحق بعضهم ببلاد الشرك بلاد الخلاف التي لايتمكن فيها المؤمن من إقامة شعائر الايمان مع الامكان. ولو تعذرت الهجرة لمرض أوعدم نفقة أو غير ذلك فلا حرج لقوله تعالى « إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلا فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله غفورا رحيما » (١).
والظاهر أن قوله عليهالسلام « ما كان لله في أهل الارض حاجة » كناية عن بقاء التكليف كما يدل عليه قول النبي صلىاللهعليهوآله : لاتنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة وللتجوز مجال واسع وفي الصحيفة السجادية : « ولا ترسلني من يدك إرسال من لاخير فيه ، ولا حاجة بك إليه » وقيل كلمة ماهيهنا نافية ووجوه بتوجيهات
____________________
في حجة الوداع حين قال : لكن البائس سعد بن خولة قدمات في الارض التى هاجر منها راجع ترجمته في الاستيعاب بذيل الاصابة ج ٢ ص ٤١.
(١) النساء ٩٧.