الجريري بضم الجيم والرائين المهملتين منسوب إلى جرير بن عباد بضم العين وتخفيف الباء.
« من عرف الله » قال الشيخ المتقدم رحمهالله : قال بعض الاعلام : أكثر ما تطلق المعرفة على الاخير من الادراكين للشئ الواحد ، إذا تخلل بينهما عدم بأن أدركه أولا ثم ذهل عنه ، ثم أدركه ثانيا فظهر له أنه هو الذي كان قد أدركه أولا ، ومن ههنا سمي أهل الحقيقة بأصحاب العرفان ، لان خلق الارواح قبل الابدان كما ورد في الحديث ، وهي كانت مطلعة على بعض الاشراقات الشهودية مقرة لمبدعها بالربوبية ، كما قال سبحانه : « ألست بربكم قالوا بلى » (١) لكنها لالفها بالابدان الظلمانية ، وانغمارها في الغواشي الهيولانية ، ذهلت عن مولاها ومبدعها ، فاذا تخلصت بالرياضة من أسر دارالغرور ، وترقت بالمجاهدة عن الالتفات إلى عالم الزور ، تجدد عهدها القديم الذي كاد أن يندرس بتمادي الاعصار والدهور ، وحصل لها الادراك مرة ثانية وهي المعرفة التي هي نور على نور.
« من الكلام » أي من فضوله ، وكذا الطعام ، فان الاكثار منه يورث الثقل عن العبادة ، ويحتمل أن يكون كناية عن الصوم « وعفى » كذا في بعض النسخ بالفاء أي جعلها صافية خالصة أو جعلها مندرسة ذليلة خاضعة أو وفر كمالاتها قال في النهاية : أصل العفو المحو والطمس ، وعفت الريح الاثر محته وطمسته ، ومنه حديث أم سلمة « لاتعف سبيلا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لحبها »(٢) أي لاتطمسهاوعفى الشئ كثر وزاد ، يقال أعفيته وعفيته ، وعفا الشئ درس ، ولم يبق له أثر ، وعفا الشئ صفا وخلص انتهى ، وأقول : يمكن أن يحملها بعضهم على الفناء في الله باصطلاحهم والاظهر ما في المجالس وغيره وأكثر نسخ الكتاب « عنا » بالعين المهملة والنون المشددة أي أتعب ، والعناء بالفتح والمد النصب.
« بآبائنا وامهاتنا » قال الشيخ البهائي رحمهالله : هذه الباء يسميها بعض النحاة باء التفدية ، وفعلها محذوف غالبا ، والتقدير نقديك بآبائنا وامهاتنا ، وهي
____________________
(١) الاعراف : ١٧١. (٢) يقال : لحب الطريق سلكه وأوضحه.