عليهم ، ودفع البلايا عنهم « لم تقر أرواحهم » في المجالس « لم تستقر ».
« خوفا من العذاب وشوقا إلى الثواب » فيه إشارة إلى تساوي الخوف والرجاء فيهم وكونهما معا في الغاية القصوى ، والدرجة العليا ، كما مضت الاخبار فيه.
ثم اعلم أن كون الشوق إلى الثواب سببا لمفارقة أرواحهم أوكار أبدانهم وطيرانها إلى عالم القدس ، ومحل الانس ، ودرجات الجنان ونعيمها ظاهر وأما الخوف من العقاب إما لشدة الدهشة ، واستيلاء الخوف عليهم كما فعل بهمام لعدهم أنفسهم من المقصرين ، أو يريدون اللحوق بمنازلهم العالية حذرا من أن تتبدل أحوالهم ، وتستولي الشهوات عليهم ، فيستحقوا بذلك العذاب ، فلذا يستعجلون في الذهاب إلى الاخرة.
ثم قال الشيخ المتقدم رفع الله درجته : المراد بمعرفة الله تعالى الاطلاع على نعوته وصفاته الجلالية والجمالية ، بقدر الطاقة البشرية ، وأما الاطلاع على حقيقة الذات المقدسة فمما لامطمع فيه للملائكة المقربين ، والانبياء المرسلين فضلا عن غيرهم ، وكفى في ذلك قول سيد البشر « ما عرفناك حق معرفتك » وفي الحديث « إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار ، وإن الملا الاعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم » فلا تلتفت إلى من يزعم أنه قد وصل إلى كنه الحقيقة المقدسة ، بل احث التراب في فيه ، فقد ضل وغوى ، وكذب وافترى فان الامر أرفع وأظهر من أن يتلوث بخواطر البشر ، وكلما تصوره العالم الراسخ فهو عن حرم الكبرياء بفراسخ ، وأقصى ما وصل إليه الفكر العميق ، فهو غاية مبلغه من التدقيق ، وما أحسن ما قال :
آنجه بيش تو غير از او ره نيست |
|
غايت فهم تو است الله نيست |
بل الصفات التي نثبتها له سبحانه إنما هي على حسب أوهامنا ، وقدر أفهامنا فانا نعتقد اتصافه بأشرف طرفي النقيض بالنظر إلى عقولنا القاصرة ، وهو تعالى أرفع وأجل من جميع مانصفه به.
وفي كلام الامام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهماالسلام إشارة إلى هذا المعنى