على الجهل والخفة ، وأزاله عما كان عليه من الصواب (١) وقال الراغب : « فاستخف قومه » (٢) أي حملهم على أن يخفوا معه أو وجدهم خفافا في أبدانهم وعزائمهم قيل : معناه وجدهم طائشين وقوله عزوجل « ولا يستخفنك الذين لايوقنون » (٣) أي لايزعجنك ويزيلنك عن اعتقادك بما يوقعون من الشبه (٤) وقال البيضاوي في قوله سبحانه « فاستخف قومه » فطلب منهم الخفة في مطاوعته ، أو فاستخف أحلامهم وقال في قوله تعالى : « ولا يستخفنك » ولايحملنك على الخفة والقلق « الذين لايوقنون » بتكذيبهم وإيذائهم.
وأقول : هذه الفقرة تحتمل وجوها : الاول أن يكون المستتر في فلا يستخف راجعا إلى الفرج والضمير في « له » راجعا إلى الاخ ، ويكون عقله ورأيه منصوبين أي كان لاتجعل شهوة الفرج عقله ورأيه خفيفين مطيعين لها ، الثاني أن يكون الضمير في يستخف راجعا إلى الاخ وفي « له » إلى الفرج ، أي لايجعل عقله ورأيه أولايجدهما خفيفين سريعين في قضاء حوائج الفرج ، الثالث أن يقرأ يستخف على بناء المجهول ، وعقله ورأيه ، مرفوعين ، وضمير « له » إما راجع إلى الاخ أو إلى الفرج ، وما قيل أن يستخف على بناء المعلوم ، وعقله ورأيه مرفوعان ، وضمير له للاخ ، فلا يساعده مامر من معاني الاستخفاف.
« كان خارجا من سلطان الجهالة » بفتح الجيم وهي خلاف العلم والعقل « فلا يمد يده » أي إلى أخذ شئ كناية عن ارتكاب الامور « إلا على ثقة » واعتماد بأنه ينفعه نفعا عظيما في الاخرة أوفي الدنيا أيضا إذا لم يضر بالاخرة « كان لايتشهى » أي لايكثر شهوة الاشياء كما مر « ولا يتسخط » أي لايسخط كثيرا لفقد المشتهيات أولايغضب لايذاء الخلق له أو اقلة عطائهم ، في القاموس : السخط بالضم وكعنق
____________________
(١) القاموس ج ٣ ص ١٣٦.
(٢) الزخرف : ٥٤.
(٣) الروم : ٦٠.
(٤) مفردات غريب القرآن : ١٥٢.