الاخلاص ، وباطن الدنيا ماخفي عن أعين الناس من مضارها ووخامة عاقبتها للراغبين إليها ، فالمراد بالنظر إليه التفكر فيه ، وعدم الغفلة عنه ، أو ما لايلتفت الناس إليه من تحصيل المعارف والقربات فيها ، فالمراد بالنظر إليه الرغبة وطموح البصر إليه ، وإنما سماه باطنا لغفلة أكثر الناس عنه ، ولكونه سر الدنيا وحقيقتها ، وغايتها التي خلقت لاجلها ، والمراد بظاهرها شهواتها التي تغر أكثر الناس عن التوجه إلى باطنها ، والمراد بآجل الدنيا ما يأتي من نعيم الاخرة بعدها اضيف إليها لنوع من الملابسة ، أو المراد بآجلها ما يظهر ثمرتها في الاجل من المعارف والطاعات ، واطلق الاجل عليه مجازا.
« وما علموا أنه سيتركهم » الاموال والاولاد وملاذ الدنيا ، والاماتة الاهلاك المعنوي بحرمان الثواب ، وحلول العقاب عند الاياب. « وما يميتهم » اتباع الشهوات النفسانية والاتصاف بالصفات الذميمة الدنية وفي الرواية الثانية نسبة الخشية إلى الاماتة والعلم بالترك لان الترك معلوم لابد منه ، بخلاف الاماتة إذ يمكن أن تدركهم رحمة من الله تلحقهم بالسعداء أو للمبالغة في اجتناب المنهيات من الاخلاق والاعمال ، بأنهم يتركون ماخشوا أن يميتهم فكيف إذا علموا والاستكثار عد الشئ كثيرا أو جمع الكثير من الشئ ، ويقابله الاستقلال بالمعنيين والدرك محركة اللحاق والوصول إلى الشئ يقال : أدركته إدراكا ودركا والضمير في « دركهم » يرجع إلى غيرهم ، ويحتمل الرجوع إليهم أيضا.
والسلم بالفتح والكسر الصلح يذكر ويؤنث ، وفي نسخ النهج بالكسر ، و سالمه أي صالحه « وما سالم الناس » ما مالوا إليه من متاع الدنيا وزينتها وملاذها « وما عادى الناس » ما رفضوه من العلوم والعبادات ، والرغبة في الاخرة وثوابها و « بهم علم الكتاب » لانه لولاهم لما علم تفسير الايات ، وتأويل المتشابهات وهذه من أوصاف أئمتنا المقدسين صلوات الله عليهم أجمعين ، ويحتمل أن تشمل الحفظة لاخبارهم ، المقتبسين من أنوارهم ، « وبه علموا » لدلالة آيات الكتاب على فضلهم ، وشرف منزلتهم كآيات المودة ، والتطهير والولاية وغيرها ، ولو