مع القدرة « والعافين عن الناس » التاركين عقوبة من استحق مؤاخذته « والله يحب المحسنين » قيل : يحتمل الجنس ويدخل تحته هؤلاء ، والعهد فتكون الاشارة إليهم ، في المجمع روي أن جارية لعلي بن الحسين عليهماالسلام جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة فسقط الابريق من يدها فشجه ، فرفع رأسه إليها فقالت له الجارية : إن الله يقول « والكاظمين الغيظ » فقال لها كظمت غيظي ، قالت « والعافين عن الناس » قال عفى الله عنك ، قالت « والله يحب المحسنين » قال اذهبي فأنت حرة لوجه الله (١)
« والذين إذا فعلوا فاحشة » أي سيئة بالغة في القبح كالزنا « أو ظلموا أنفسهم » قيل : بأن أذنبوا أي ذنب كان ، وقيل الفاحشة الكبيرة ، وظلم النفس الصغيرة وقيل الفاحشة مايتعدى وظلم النفس ماليس كذلك وقيل : « أو ظلموا » أي أذنبوا ذنبا أعظم من الزنا « فاستغفروا لذنوبهم » بالندم والتوبة « ومن يغفر الذنوب إلا الله » استفهام بمعنى النفي معترض بين المعطوفين ، والمراد به وصفه تعالى بسعة الرحمة وعموم المغفرة ، والحث على الاستغفار والوعد بقبول التوبة « ولم يصروا على مافعلوا » أي ولم يقيموا على ذنوبهم غير مستغفرين ، وسيأتي معنى الاصرار في بابه إنشاءالله « وهم يعلمون » أي ولم يصروا على قبيح فعلهم عالمين به « ونعم أجر العاملين » أي المغفرة والجنات ، وفي المجالس عن الصادق عليهالسلام قال : لما نزلت هذه الاية صعد إبليس جبلا فصرخ بأعلا صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقالوا يا سيدنا لما دعوتنا؟ قال : نزلت هذه الاية فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال : أنا لها بكذا وكذا ، قال : لست لها ، فقام آخر فقال مثل ذلك فقال : لست لها ، فقال الوسواس الخناس : أنالها ، قال : بماذا؟ قال : أعدهم وامنيهم حتى يواقعوا الخطيئة ، فاذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار فقال : أنت لها فوكله بها إلى يوم القيامة (٢) وسيأتي قصة بهلول النباش في ذلك عند ذكر قصص الخائفين (٣) « لايات لاولي
____________________
(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٥٠٥.
(٢) أمالى الصدوق ص ٢٧٨.
(٣) أمالى الصدوق ص ٢٧ ـ ٢٩.