الانتقام وهو المقصود ذكره وما قبله تمهيد له ، ولذا رتب عليه قوله : « فان الله كان عفوا قديرا » لم يزل يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام.
« لكن الراسخون في العلم منهم » (١) قالوا أي من اليهود كعبدالله بن سلام وأصحابه « والمؤمنون » : أي منهم أو من المهاجرين والانصار « يؤمنون » خبر المبتدأ « والمقيمين الصلوة » قيل : نصب على المدح ، أو عطف على « ما انزل إليك » والمراد بهم الانبياء ، وقرئ بالرفع عطفا على الراسخون ، أو الضمير في « يؤمنون » أو على أنه مبتدأ والخبر « اولئك سنؤتيهم ». « اولئك سنؤتيهم أجرا عظيما » لجمعهم بين الايمان الصحيح ، والعمل الصالح.
« واذكروا نعمة الله عليكم » (٢) بالاسلام ليذكركم المنعم ، ويرغبكم في شكره « وميثاقه الذي واثقكم به » قيل : يعني عند إسلامكم بأن تطيعوا الله فيما يفرضه عليكم سركم أو ساءكم ، وفي المجمع عن الباقر عليهالسلام أن المراد بالميثاق ما بين لهم في حجة الوداع من تحريم المحرمات وكيفية الطهارة وفرض الولاية وغير ذلك (٣) ، أقول : وهذا داخل في ذاك. « إذ قلتم سمعنا وأطعنا » قال : علي ابن إبراهيم : لما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله الميثاق عليهم بالولاية ، قالوا : سمعنا وأطعنا ثم نقضوا ميثاقه « واتقوا الله » في إنساء نعمته ونقض ميثاقه « إن الله عليم بذات الصدور » بخفياتها فضلا عن جليات أعمالكم « قوامين » أي بالحق « لله » خالصا له « شهداء بالقسط » أي العدل « ولا يجر منكم » أي ولا يحملنكم « شنآن قوم » أي شدة عداوتهم وبغضهم « على أن لاتعدلوا » فتعتدوا عليهم بارتكاب مالايحل كمثلة وقذف وقتل نساء وصبية ونقض عهد تشفيا مما في قلوبكم « اعدلوا » في أوليائكم وأعدائكم « إن الله خبير بما تعملون » فمجازيكم.
« أن يبسطوا » أي يبطشوا « إليكم أيديهم » بالقتل والاهلاك « فكف أيديهم
____________________
(١) النساء : ١٦٢.
(٢) المائدة : ٧ ـ ١٢.
(٣) مجمع البيان ج ٣ ص ١٦٨.