« فعجب رسول الله » كتعب أي تعجب منه لندرة مثل ذلك أو أعجبه وسر به قال الراغب : العجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشئ ولهذا قال بعض الحكماء : العجب مالايعرف سببه ، ولهذا قيل : لايصح على الله التعجب إذ هو علام الغيوب ، ويقال لما لايعهد مثله : عجب قال تعالى : « أكان للناس عجبا أن أوحينا » (١) « كانوا من آياتنا عجبا » (٢) « إنا سمعنا قرآنا عجبا » (٣) أي لم نعهد مثله ولم نعرف سببه ويستعار تارة للمونق فيقال : أعجبني كذا أي راقني ، وقال تعالى : « ومن الناس من يعجبك » (٤).
قوله : « إن لكل يقين » أي فرد من أفراده أو صنف من أصنافه « حقيقة فما حقيقة يقينك » من أي نوع أو صنف؟ أو لكل يقين علامة تدل عليه فما علامة يقينك كما مر « هو الذي أحزنني » أي في أمر الآخرة « وأسهر ليلي » لحزن الآخرة أو للاستعداد لها أو لحب عبادة الله ومناجاته « عجبا للمحب كيف ينام » والاسناد مجازي أي أسهرني في ليلي ، وكذا في قوله : « وأظمأ هواجري » مجاز عقلي أي أظمأني عند الهاجرة وشدة الحر للصوم في الصيف ، وإنما خصه لانه أشق وأفضل ، في القاموس الهاجرة نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر ، أو من عند زوالها إلى العصر ، لان الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا شدة الحر ، وقال : عزفت نفسي عند تعزف عزوفا زهدت فيه وانصرفت عنه أو ملته.
« حتى كأني أنظر » أي شدة اليقين بأحوال الآخرة صيرني إلى حالة المشاهدة ، والاصطراخ الاستغاثة ، وزفير النار صوت توقدها ، في القاموس زفر يزفر زفرا وزفيرا أخرج نفسه بعد مده إياه ، والنار سمع لتوقدها صوت ، وقال : المسمع كمنبر الاذن كالسامعة ، والجمع مسامع انتهى وقيل : المسامع جمع جمع
____________________
(١) يونس : ٢.
(٢) الكهف : ٩.
(٣) الجن : ١.
(٤) البقرة : ٢٠٤ ، راجع مفردات غريب القرآن ٣٢٢.