الله ودلائله الواضحة قد قهرتموهم « أن يؤمنوا لكم » ويصدقوكم بقلوبهم ويبدوا في الخلوات لشياطينهم شريف أحوالكم « وقد كان فريق منهم » يعني من هؤلاء اليهود من بني إسرائيل « يسمعون كلام الله » في أصل جبل طور سيناء وأوامره ونواهيه « ثم يحرفونه » عما سمعوه إذا أدوه إلى من وراءهم من ساير بني إسرائيل « من بعد ماعقلوه » وعلموا أنهم فيما يقولونه كاذبون « وهم يعلمون » أنهم في قيلهم كاذبون (١).
ثم أظهر الله على نفاقهم الآخر فقال : « وإذا لقوا الذين آمنوا » كانوا إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمارا « قالوا آمنا » كايمانكم إيمانا بنبوة محمد مقرونا بالايمان بامامة أخيه علي بن أبي طالب عليهالسلام وبأنه أخوه الهادي ، ووزيره المؤاتي وخليفته على امته ، ومنجز عدته ، والوافي بذمته ، والناهض بأعباء سياسته ، وقيم الخلق الذائد لهم عن سخط الرحمن الموجب لهم إن أطاعوه رضى الرحمن ، وأن خلفاءه من بعده هم النجوم الزاهرة ، والاقمار النيرة ، والشمس المضيئة الباهرة وأن أولياءهم أولياء الله ، وأن أعداءهم أعداء الله ، ويقول بعضهم : نشهد أن محمدا صاحب المعجزات ، ومقيم الدلالات الواضحات (٢).
وساق الحديث كما سيأتي في أبواب معجزات الرسول صلىاللهعليهوآله (٣) وباب غزوة بدر إلى قوله :
فلما أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض قالوا : أي شئ صنعتم؟ أخبرتموهم « بما فتح الله عليكم » من الدلالات على صدق نبوة محمد صلىاللهعليهوآله وإمامة أخيه علي بن أبي طالب عليهالسلام « ليحاجوكم به عند ربكم » بأنكم كنتم قد علمتم هذا وشاهدتموه ، فلم تؤمنوا به ولم تطيعوه ، وقد روا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتك الآيات لم تكن له عليهم حجة في غيرها ، ثم قال عزوجل : « أفلا تعقلون »
____________________
(١) تفسير الامام ص ١٣٥.
(٢) تفسير الامام ص ١٣٦.
(٣) راجع ج ١٧ ص ٣٤١ ٣٤٥.