أن هذا الذي يخبرونهم به مما فتح الله عليكم من دلائل نبوة محمد حجة عليكم عند ربكم قال الله عزوجل : « أولا يعلمون » يعني أولا يعلم هؤلاء القائلون لاخوانهم « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » : « أن الله يعلم مايسرون » من عداوة محمد صلىاللهعليهوآله ويضمرون من أن إظهارهم الايمان به أمكن لهم من اصطلامه وإبادة أصحابه « وما يعلنون » من الايمان ظاهرا ليونسوهم ويقفوا به على أسرارهم فيذيعونها بحضرة من يضرهم ، وأن الله لما علم ذلك دبر لمحمد صلىاللهعليهوآله تمام أمره ببلوغ غاية ما أراده الله ببعثه ، وأنه قيم أمره ، وأن نفاقهم وكيدهم لايضره (١).
قوله تعالى : « ومنهم اميون » (٢) الآية قال الامام عليهالسلام : ثم قال الله : يامحمد! ومن هؤلاء اليهود اميون لايقرؤن ولايكتبون كالامي منسوب إلى الام أي هو كما خرج من بطن امه لايقرأ ولا يكتب « لايعلمون الكتاب » المنزل من السماء ، ولا المتكذب به ، ولايميزون بينهما « إلا أماني » (٣) أي إلا أن يقرأ عليهم ، ويقال لهم : إن هذا كتاب الله وكلامه ، لايعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف مافيه « وإن هم إلا يظنون » أي ما يقول لهم : رؤساؤهم من تكذيب محمد في نبوته ، وإمامة علي سيد عترته عليهالسلام يقلدونهم مع أنهم محرم عليهم تقليدهم (٤).
ثم قال عزوجل : « فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم » (٥) الآية قال
____________________
(١) تفسير الامام ص ١٣٨ و ١٣٩ ، وفي ط اخرى ص ١٢٠.
(٢) البقرة : ٧٦.
(٣) الاماني جمع الامنية ولها معنيان أحدهما أن معناها التلاوة ، يقال تمنى كتاب الله أى قرأ وتلا ، أى هم يتلون التوراة ولايدرونها عن الكسائى والفراء ، والثاني أن معناها البغية ومايتمنى ويقدر ، أي هم يتمنون على الله ماليس لهم مثل قولهم لن تمسنا النار الا أياما معدودة وقولهم نحن أبناء الله وأحباؤه.
(٤) تفسير الامام ص ١٣٩.
(٥) البقرة : ٧٨.