إليك من طلب ما في يد غيرك (١) ولا تحدث إلا عن ثقة (٢) فتكون كذابا والكذب ذل ، وحسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع الاسراف ، وحسن اليأس خير من الطلب إلى الناس ، والعفة مع الحرفة خير من سرور مع فجور ، والمرء أحفظ سره ورب ساع فيما يضره ، من أكثر هجر (٣) ومن تفكر أبصر.
وأحسن المماليك الادب ، واقلل الغضب ولا تكثر العتب في غير ذنب فاذا استحق أحد منك ذنبا فأن العفو مع العدل أشد من الضرب لمن كان له عقل ، ولا تمسك من لا عقل له ، وخف القصاص ، واجعل لكل امرء منهم عملا يأخذ منه فإنه أحرى أن لا يتوا كلوا (٤) وأكرم عشيرتك فإنهم جناحك الذي به تطير وأصلك الذي إليه تصير وإنك بهم تصول (٥) وبهم تطول اللذة عند الشدة وأكرم كريمهم وعد سقيمهم (٦) وأشركهم في امورهم وتيسر عند معسورهم واستعن بالله على امورك فإنه أكفى معين. وأستودع الله دينك ودنياك وأسأله خير القضاء في الدنيا والاخرة.
أقول : إن الشيخ الحسن بن علي بن شعبة قد ذكر هذا الخبر في كتاب تحف العقول (٧) لكن باختلاف كثير فأدرت أن أورده بهذه الرواية أيضا لانه المسلك
____________________
(١) التلافى التدارك لا صلاح ما فسد اوكاد. والفرط : القصر والمراد أن سابق الكلام لا يدرك فيستر جع بخلاف مقصر السكوت فسهل تداركه ، والماء يحفظ في القربة بشد وكائها أى رباطها فكذلك اللسان. وفيه تنبيه على وجوب ترجيح الصمت على كثرة الكلام وذلك لان الكلام يسمع وينقل فلا يستطاع اعادته صمتا.
(٢) أى لا تقل الا عن صدق وثقة ، أول لاتحدث الا عمن تثق به.
(٣) الهجر : الهذيان.
(٤) كذا وفى التحف « واجعل لكل امرء منهم عملا تأخذه به ، فانه أحرى أن لا يتوا كلوا » ومثله في النهج. والتواكل أن يتكل بعضهم على بعض.
(٥) الصولة : السطوة والقدرة أى بهم تسطو وتغلب على الغير. وفى النهج « يدك التى بها تصول ».
(٦) من عاد المريض يعوده عيادة أى زاره.
(٧) التحف ص ٦٨.