كلما كر رته يتضوع.
٢ ـ من الوالد الفان ، والمقر للزمان ، المدبر العمر ، المستسلم للدهر ، الذام للدنيا ، الساكن مساكن الموتى ، الظاعن عنها إليهم غدا إلى المولود المؤمل ما لا يدرك السالك سبيل من [ قد ] هلك ، غرض الاسقام ورهينة الايام ورمية المصائب وعبد الدنيا وتاجر الغرور وغريم المنايا وأسير الموت وحليف الهموم وقرين الاحزان ونصب الافات وصريع الشهوات وخليفة الاموات ـ أما بعد ـ فإن فيما تبينت من إدبار الدنيا عني وجموح الدهر علي وإقبال الاخرة إلى ما يز عني عن ذكر من سواي والاهتمام بما ورائي غير أنه حيث تفر دبي دون هموم الناس هم نفسي فصد فني رأيي وصرفني هواي وصرح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد لايكون فيه لعب وصدق لا يشوبه كذب. [ و ] وجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا [ لو ] أصابك أصابني وكأن الموت لو أتاك أتاني ، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي فكتبت إليك كتابي هذا مستظهرا به إن أنا بقيت لك أوفنيت (١).
فإني اوصيك بتقوى الله أي بني ولزوم أمره وعمارة قلبك بذكره والاعتصام بحبله وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله إن [ أنت ] أخذت به.
أحي قلبك بالموعظة وموته بالزهد وقوه باليقين وذلله بالموت (٢) وقرره بالفناء وبصره فجائع الدنيا وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الليالي والايام و أعرض عليه أخبار الماضين وذكره بما أصاب من كان قبله وسر في بلادهم وآثارهم و انظر ما فعلوا وأين حلوا وعمن انتقلوا فإنك تجدهم انتقلوا عن الاحبة وحلوا دار الغربة وناد في ديارهم : أيتها الديار الخالية أين أهلك؟ ثم قف على قبور هم فقل : أيتها الاجساد البالية والاعضاء المتفرقة كيف وجدتم الدار التي أنتم بها؟ أي بني و كأنك عن قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ولا تبع آخر تك بدنياك ودع القول
____________________
(١) تقدم تفسير جملات الحديث في ما نقل عن كتاب كشف المحجة.
(٢) في النهج « وأمته بالزهادة وقوه باليقين ونوره بالحكمة وذلله بذكر الموت ».