فيما لا تعرف والخطاب فيما لا تكلف وأمسك عن طريق إذا خفت ضلاله فان الكف عن حيرة الضلالة خير من ركوب الاهوال ، وأمر بالمعروف تكن من أهله وأنكر المنكر بلسانك ويدك وباين من فعله بجهدك وجاهد في الله حق جهاده ولا تأخذك في الله لومة لائم ، وخض الغمرات إلى الحق حيث كان (١) وتفقه في الدين وعود نفسك التصبر (٢) وألجئ نفسك في الامور كلها إلى إلهك فإنك تلجئها إلى كهف حريز ، ومانع عزيز ، أخلص في المسألة لربك فان بيده العطاء والحرمان وأكثر الاستخارة ، وتفهم وصيتي ولا تذهبن [ عنها ] صفحا (٣) فإن خير القول ما نفع ، واعلم أنه لاخير في علم لا ينفع ولا ينتفع بعلم حتى لا يقال به. (٤).
أي بني إني لما رأيتك قد بلغت سنا (٥) ورأيتني أزداد وهنا بادرت بوصيتي إياك خصالا منهن مخافة أن يعجل بي أجلي (٦) دون أن أفضي إليك بما في نفسي أو أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب النفور ، وإنما قلب الحدث كالارض الخالية ما القي فيها من شي ء قبلته فبا درتك بالادب قبل أن يقسو قلبك ويشغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الامر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته (٧) فتكون قد كفيت مؤونة الطلب وعوفيت
____________________
(١) في بعض نسخ الحديث « للحق » مكان « بالموت ». الغمرات : الشدائد.
(٢) في النهج « وعود نفسك التصبر على المكروه ونعم الخلق التصبر ». والتصبر : تكلف الصبر.
(٣) الصفح : الاعراض. وفى بعض النسخ « لا تذهبن منك صفحا ».
(٤) في النهج « ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه ». وذلك تنبيه على أن من العلوم ما لا خير فيه وهى التى نهت الشريعة عن تعلمها كالسحرو الكهانة والنجوم والنير نجات ونحوها.
(٥) في النهج « انى لما رأيتنى قد بلغت سنا ».
(٦) في النهج « بادرت بوصيتى اليك وأوردت خصالا منها قبل أن يعجل بى أجلى ».
(٧) وذلك ليكون جد رأيك أى محققه وثابته مستعدا لقبول الحقائق التى وقف عليها أهل التجارب وكفوك طلبها. والبغية بالكسر : الطلب. وفى بعض النسخ « تعقله وتجربته ».