أبوابها ، وأقام رصدا من الشهب الثواقب على نقابها ، وأمسكها من أن تمور في خرق الهواء بأيده (١) وأمرها أن تقف مستسلمة لامره ، وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها ، وقمرها آية ممحوة من ليلها ، فأجراهما في مناقل مجراهما ، وقدر سيرهما في مدارج درجهما ، لتميزبين الليل والنهار بهما ، وليعلم عدد السنين والحساب بمقادير هما ، ثم علق في جوها فلكها ، وناط بها زينتها من خفيات دراريها (٢) و مصابيح كواكبها ، ورمى مسترقي السمع بثواقب شهبها ، وأجراها على أذلال تسخيرها ، من ثبات ثابتها ، ومسير سائرها ، وهبوطها وصعودها ونحوسها وسعودها.
ومنها في صفة الملائكة عليهمالسلام :
ثم خلق سبحانه لاسكان سماواته ، وعمارة الصفيح الاعلى (٣) من ملكوته خلقا بديعا من ملائكته ، ملابهم فروج فجاجها ، وحشى بهم فتوق أجوائها ، وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس (٤) وسترات الحجب ، و سرادقات المجد ، ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الاسماع سبحات نور تردع الابصار عن بلوغها ( د ) فتقف خاسئة على حدودها ، أنشأهم على صور مختلفات ، و أقدار متفاوتات ، اولي أجنحة تسبح جلال عزته ، لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من
____________________
(١) وأمسكها من أن تمور أى تضطرب في الهواء. « بأيده » أى بقوته.
(٢) دراريها : كواكيها وأقمارها.
(٣) الصفيح : السماء.
(٤) الزجل : رفع الصوت. والحظائر : جمع حظيرة وهى الموضع الذى يحاط عليه لتأوى اليه الغنم ، والابل توقيا من البرد والريح وهو مجاز ههنا عن المقامات المقدسة للارواح الطاهرة.
(٥) الرجيج : الاضطراب والزلزلة وفسروا السبحات بالنور والبهاء والجلال والعظمة وقيل : سبحات الوجه محاسنة لا نك اذا رأيت الوجه. الحسن. قلت سبحان الله ، ولعل المراد بها الانوار التي تحجب الابصار ، ويعبر عنها بالحجب.