صنعه ، ولا يدعون أنهم يخلقون شيئا معه مما انفردبه « بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون » جعلهم فيما هنالك أهل الامانة على وحيه ، وحملهم إلى المرسلين » ودايع أمره ونهيه ، وعصمهم من ريب الشبهات ، فما منهم زائغ من سبيل مرضاته ، وأمدهم بفوائد المعونة ، وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السكينة (١) وفتح لهم أبوابا ذللا إلى تماجيده (٢) ونصب لهم منارا واضحة على أعلام توحيده لم تثقلهم موصرات الاثام (٣) ولم ترتحلهم عقب الليالي والايام ، ولم ترم الشكوك بنوازعها عزيمة إيمانهم ، ولم تعترك الظنون على معاقد يقينهم (٤) ولا قدحت قادحة الاحن فيما بينهم ولا سلبتهم الحيرة ما لاق من معرفته بضمائر هم (٥) وما سكن من
____________________
(١) الشعار من اللباس ما يلبس تحت الدثار ، وأخبت الرجل اذا خضع وخشع لله تعالى.
(٢) الذلل بضمتين جمع ذلول وهو ضد الصعب. وفتح الابواب المذكورة كناية عن سهولة التمجيد لعدم معارضة شيطان أونفس امارة بالسوء.
(٣) موصرات الاثام : مثقلاتها.
(٤) رحل البعير وارتحله حط عليه الرحل مركب للبعير. والعقبة ـ بالضم ـ : النوبة والجمع عقب. أى لم يؤثر فيهم ارتحال الليالى والايام كما يؤثر ارتحال الانسان البعير في ظهره. والنوازع بالعين المهلمة من نزع في القوس اذا جذبها ومدها ونوازع الشكوك الشبهات. وقيل الشهوات. وفى بعض نسخ المصدر « النوازغ » بالغين المعجمة من نزغ الشيطان بين القوم اذا أفسد ، ويقال نزغه الشيطان أى وسوس اليه. والعزيمة : التصميم والجزم على رأى. والمعترك موضوع العرك أى القتال. اعترك الابل في الورد ازدحمت.
(٥) قدح بالزند ـ كمنع ـ رام الايراء به. والاحن ـ جمع ـ احنة وهى الحقد و الحسد والغضب أى لا يثير الغضب فيما بينهم. ولاق الشئ بغيره : لصق ومنه ليقة الدواة لانه يلصق المداد بها والغرض نفى الحيره عنهم كالاحنة لانها لا تكون الاعن الشبه والوسواس. و يحتمل أن يكون المراد بالحيرة الوله لشدة الحب وكمال المعرفة. وسيجئ اثبات الوله لهم في الكلمات الاتية.