وذوات الشناخيب الشم من صياخيدها ، فسكنت من الميدان لرسوب الجبال في قطع أديمها وتغلغلها ، متسر بة في جوبات خياشيمها وركوبها أعناق سهول الارضين و جراثيمها (١) ، وفسح بين الجو وبينها ، وأعد الهواء متنسما لساكنها ، وأخرج إليها أهلها على تمام مرافقها ، ثم لم يدع جرز الارض التي تقصر مياه العيون عن روابيها ، ولا تجد جداول الانهار ذريعة إلى بلوغها حتى أنشألها ناشئة سحاب تحيي مواتها وتستخرج نباتها ، ألف غمامها بعد افتراق لمعه ، وتباين قزعه (٢) حتى
____________________
والسهوب : جمع سهب ـ بالفتح ـ أى الفلاة البعيدة الاكناف. والبيد جمع بيداء وهى الفلاة التى يبيد سالكها أى يهلك. والاخاديد جمع الاخدود وهو الشق في الارض والمراد مجارى الانهار. والضمائر كلها راجع إلى الارض. والراسيات : الثابتات ، والجلاميد جمع جلمود ، وهو الحجر الصلد.
(١) والشناخيب. جمع شنخوب ـ بالضم ـ أى رؤوس الجبال العالية. والشم : المرتفعة العالية. والصياخيد جمع صيخود وهو الصخرة الشديدة. ورسب في الماء ـ كنصر ـ : ذهب سفلا ، وجبل راسب أى ثابت. والقطع ـ كعنب جمع قطعة ـ بالكسر ـ وهى الطائفة من الشئ والمراد بأديهما سطحها. والتغلغل الدخول ومبالغة فيه. وتسرب الوحش وانسرب في حجره أى دخل. والجوبة : الحفرة. والخيشوم أقصى الانف وضمير « تغلغها » للجبال و « خياشيمها » للارض والمجاز ظاهر. والجرثومة : قيل التراب المجتمع في أصول الشجر ولعل المراد بجراثيمها المواضع المرتفعة منها. وركوب الجبال اعناق السهول : استعلاؤها عليها ، وأعناقها : سطوحها.
(٢) المتنسم : موضع التنسم ، وهو طلب التنسم وفائدته ترويج القلب حتى لايتاذى بغلبة الحرارة وفيه بقاء الحيوان. ومرافق الدار ما يستعان به ويحتاج اليه في التعيش. واخراج أهل الارض على تمام مرافقها ايجادهم واسكانهم في الارض بعد تهيئة ما يصلحهم لمعاشهم و التزود إلى معادهم ، ومن جملة تلك المرافق سكون الارض وكونها خارجة من الماء على حد خاص من الصلابة والرخاوة ، غير صيقل يتأذى أهلها بانعكاس الاشعة ، قابلة لا نفجار وحفر الابار ونزول الامطار وتكون المعادن وتولد انواع الحيوانات والحياة بعد الموت حتى يتجدد فيه الحبوب والثمار والاعشاب ونحو ذلك مما لا يحصيه الا الله عزوجل ـ والراوبى جمع الرابية : ما ارتفع من الارض.
والجدول النهر الصغير. والناشئة : ما ينشأ من السحاب أى يبتدى ظهوره. واللمعة ـ بالضم ـ في الاصل : قطعة من النبت. والقزع جمع قزعة ـ محركة فيهما ـ وهى