اند مجب على مكنون علم لو بحت به لا ضطربتم اضطرب الارشية في الطوي البعيدة (١).
٢١ ـ ومن خطبه عليهالسلام (٢) :
أما بعد فان الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع ، وإن الاخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع ، ألا وإن اليوم المضمار ، وغدا السباق ، والسبقة الجنة ، والغاية النار أفلا تائب من خطيئته قبل منيته (٣) ألاعامل لنفسه قبل يوم بؤسه ، ألا وإنكم في أيام أمل من ورائه أجل ، فمن عمل في أيام أمله قبل حضورأجله فقد نفعه عمله ولم يضرره أجله ومن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضره أجله ، ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة ، ألا وإني لم أركالجنة نام طالبها ، ولا كالنار نام هاربها ، ألا وإنه من لاينفعه الحق يضرره الباطل ، ومن لا يستقيم به الهدى يجر به الضلال ، ألا وإنكم قد امرتم باظعن (٤) ودللتم على الزاد ، وإن أخوف ما أخاف به عليكم اتباع الهوى وطول الامل ، تزو دوا في الدنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا.
٢٢ ـ ومن خطبه عليهالسلام (٥)
في استنفار الناس إلى أهل الشام وقد تثاقلوا :
أف لكم قد سئمت عتابكم ، أرضيتم من الاخرة بالحياة الدنيا عوضا ، وبالذل من العز خلقا ، إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارات أعينكم كأتكم من الموت في غمرة ، ومن الذهول في سكرة ترتج عليكم حواري فتعمهون (٦) فكأن قلوبكم
____________________
(١) اندمج الشئ اذ أدخل في شئ واستحكم فيه ، والارشية جمع رشاء بمعنى الحبل والطوى : جمع طوية وهى البئر والبعيدة أى العميقة.
(٢) مطالب السؤول ص ٥٩. والنهج تحت رقم ٢٨.
(٣) المنية : الموت. (٤) الظعن : الرحيل.
(٥) مطالب السؤول ص ٥٩. والنهج تحت رقم ٣٤.
(٦) الغمرة : الشدة وغمرات الموت شدائده. ويرتج أى يغلق. والحوار : هو مراجعة الكلام. والعمة : عمى البصيرة. أى لا تهتدون لفهمه. وتتحيرون وتترددون ، والذهول : النيسان لشغل والترك والغيبة عن الرشد.