مألوسة فأنتم لا تعقلون ، ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي ، وما أنتم لي بركن يمال بكم ، ولا زوافر عز يفتقر إليكم (١) ما أنتم إلا كابل ضل رعاتها ، فكلما جمعت من جانب انتشرت من جانب ، لبئس لعمر الله سعر نارالحرب أنتم ، تكادون ولا تقتدون (٢) وتنتقص أطرافكم ولا تمتعضون (٣) ، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون ، غلب والله المتخاذلون ، وأيم الله إني لاظل بكم أن لو حمس الوغى (٤) واستحر الموت فقد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج الرأس (٥) والله إن امرءا يمكن عدوه من نفسه يعرق لحمه ويهشم عظمه ، ويفري جلده لعظيم عجزه ، ضعيف قلبه (٦) ، حرج صدره ، أنت (٧) فكن ذاك إن شئت فأما أنا فوالله دون أن اعطي ذاك ضرب بالمشرفية تطير منه فراش الهام (٨) ، وتطيع السواعد والاقدام (٩) ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء.
____________________
(١) المألوسة : المخلوطة بمس الجنون. وسجيس ـ بفتح فكسر ـ كلمة تقال بمعنى أبدا وأصله من سجس الماء بمعنى تغير وكدر. أى انهم ليسوا بثقاة عنده يركن اليهم أبدا.
وزو افرالمجد : أسبابه وأعمدته. ومن البناء ركنه ، ومن الرجل عشيرته وأنصاره. وقوله « يمال بكم » أى يمال على العدو بعزكم وقوتكم ، وهو وصف لهم بالضعف والذل.
(٢) السعر : أصله مصدر « سعر النار » من باب نفع ـ : أوقدها أى لبئس ما توقد به الحرب أنتم ـ ويقال : ان « سعر » جمع ساعر. وفى النهج « تكادون ولا تكيدون ».
(٣) امتعض أى غضب.
(٤) حمس ـ كفرح ـ اشتد وصلب. والوغى : الحرب.
(٥) مثل لشدة التفرق يعنى أن الرأس اذا انفرج عن الجسد لا يعود اليه ثانيا.
(٦) عرق اللحم كنصر ـ أكله ولم يبق منه على العظم. والهشم : الكسر ، وفراه يفريه : مزقه. وفى النهج « ضعيف ما ضمنت عليه جوانح صدره ».
(٧) الخطاب في « أنت » عام لكل من مكن عدوه من نفسه.
(٨) « أنا » مبتدأ و « ضرب » خبره بمعنى الضارب و « أعطى » على صيغة المعلوم.
(٩) أى لايمكن عدوه من نفسه حتى يكون دون ذلك ضرب بالمشرفية. وهى السيوف التى تنسب إلى مشارف وهى قرى من أرض العرب تدنو من الريف.
وقيل : ان المشرفية نسبة إلى
موضع في بلاد اليمن لا إلى مشارف الشام. وفراش