وتعظم تبعات الله عزوجل عند العباد.
فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله وعزوجل ، والقيام بعدله ، و الوفاء بعهده ، والانصاف له في جميع حقه ، فانه ليس العباد إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك ، وحسن التعاون عليه ، وليس أحد وإن اشتد على رضى الله حرصه ، وطال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله ، ولكن من واجب حقوق الله عزوجل على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم. والتعاون على إقامة الحق فيهم ، ثم ليس امرء وإن عظمت في الحق منزلته وجسمت في الحق فضيلته ، بمستغن عن أن يعان على ما حمله الله عزوجل من حقه ، ولا لامرء مع ذلك خسئت به الامور ، واقتحمته العيون (١) بدون ما أن يعين على ذلك ويعان عليه وأهل الفضيلة في الحال وأهل النعم العظام أكثر في ذلك حاجة وكل في الحاجة إلى الله عزوجل شرع سواء (٢).
فأجابه رجل من عسكره لا يدرى من هو ، ويقال : إنه لم ير في عسكره قبل
____________________
(١) « ولا لا مرء » يعنى مع عدم الاستغناء عن الاستعانة وقوله : « خسئت به الامور » يقال : خسئت الكلب خسئا طردته وخسأ الكلب بنفسه يتعدى ولا يتعدى. وقد تعدى بالباء أى طردته الامور أو يكون الباء للسببية أى بعدت بسببه الامور. وفى بعض نسخ المصدر « حست » بالمهملتين أى اختبرته. واقتحمه : احتقره ، وفى النهج « ولا امرء وان صغرته النفوس واقتحمته العيون ». وقوله : « بدون ما أن يعين » أى بأقل من أن يستعان به ويعان والحاصل كما في الوافى أن الشريف والوضيع جميعا محتاجون في أداء الحقوق إلى اعانة بعضهم بعضا واستعانة بعضهم ببعض وكل من كانت النعمة عليه اعظم فاحتياجه في ذلك أكثر لان الحقوق عليه أوفر لا زياد الحقوق بحسب ازدياد النعم.
(٢) « سواء » بيان لقوله : « شرع » وتأكيد وانما ذكره عليهالسلام ذلك لئلا يتوهم أنهم يستغنون باعانة بعضهم بعضا عن ربهم تعالى بل هو الموفق والمعين لهم في جميع امورهم ولا يستغنون بشئ عن الله تعالى وانما كلفهم بذلك ليختبر طاعتهم ويثيبهم على ذلك واقتضت حكمته البالغة أن يجرى الاشياء باسبابها وهو المسبب لها والقادر على امضائها بلا سبب. (منه)