فاتعظوا بالغير ، واعتبروا بالعبر ، وانتفعوا بالنذر.
٤٧ ـ ومن كلامه عليهالسلام : قاله بعد تلاوته « الهيكم التكاثر حتى زرتم المقابر » (١) ياله مراما ما أبعده ، وزورا ما أغفله وحطاما ما أفرغه وخطرا ما أفظعه ، أفبمصارع آبائهم يفتخرون؟ أم بعديد الهلكى يتكاثرون ، يرتجعون منهم أجسادا خوت (٢) وحركات سكنت (٣) ولان يكونوا عبرا أحق من أن يكون مفتخرا ، ولان يهبطوا منهم جناب ذلة أحجى من أن يقوموا بهم مقام عزة (٤) لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة وضربوا منهم في غمرة جهالة (٥) ولو استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية ، والربوع الخالية لقالت : ذهبوافي الارض ضلالا (٦) ، وذهبتهم في أعقابهم جهالا ، تطأون في هامهم (٧) وتستثبتون في أجسادهم ، وترتعون فيما لفظوا ، وتسكنون فيما خربوا وإنما الايام بينهم وبينكم بواك ونوائح عليكم.
____________________
(١) أى شغلكم عن طاعة الله وصرفكم عن الاخرة مكاثرة بعضكم لبعض.
(٢) خوت أى سقطت بناؤها وخلت من أرواحها.
(٣) المعنى أنهم يذكرون آباءهم ويفتخرون بهم فكانهم ردوهم إلى الدنيا وارتجعو هم من القبور. وقيل هو استفهام وان لم يكن حرف الاستفهام مذكورا أى يرتجعون منهم أجسادا خوت. وكلمة « من » يحتمل أن يكون للتجريد فالمعنى أيرتجعون من أجسادهم اجسادا خوت ومن حركاتهم حركات سكنت. ويحتمل أن يكون صلة للارتجاع فيكون الاجساد الخاوية كالهبة التى يرتجعها الواهب ، وأن يكون للتبعيض فالضمير المجرور لعامة أهل المقابر.
(٤) الجناب بالفتح : الناحية والفناء. و « أحجى » أى أولى.
(٥) العشوة بالفتح : سوء البصر بالليل. وضرب في الماء : سبح أى خاضوا وسبحوا من ذكرهم في غمرة الجهالة.
(٦) الخاوية : الخالية والمنهدمة. والربوع : الاماكن والمساكن. والضلال ـ كعشاق ـ جمع ضال.
(٧) هام ـ جمع هامة ـ وهى أعلى الرأس.