فقائل يقول : هو لما به ، وممن لهم إياب عافيته ، ومصبر لهم على فقده ، يذكر هم اسى الماضين من قبله (١).
فبينا هو كذلك على جناح من فراق الدنيا وترك الاحبة إذ عرض له عارض من غصصه ، فتحيرت نوافذ فطنته (٢) ويبست رطوبة لسانه ، فكم من مهم من جوابه عرفه فعي عن رده ، ودعاء مؤلم بقلبه سمعه فتصام عنه (٣) من كبير كان يعظمه أوصغير كان يرحمه (٤) وإن للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة أو تعتدل على عقول أهل الدنيا (٥).
٤٨ ـ ومن كلامه عليهالسلام إنكم مخلوقون اقتدارا ، ومربوبون اقتسارا (٦)
____________________
لعدم ظهور أماراتها ، وعن عدمها ويأسهم من البرء لكونه مكروها لنفوسهم فلا ينطق بذكره لسانهم. و « شجى » : الحزن والخبر الذى يكتمونه هوموته ، وقال بعض شراح النهج : أى تخاصموا في خبر ذى شجى أى خبر ذى غصة ينازعونه وهم حول المويض سرا دونه وهو لا يعلم بنجواهم وبما يفيضون فيه من أمره.
(١) « هو لمابه » أى للامر الذى نزل به أى أشفى على الموت. « وممن لهم اياب عافيته » الممنى : مخيل الامنية. والاياب : الرجوع أى يبعثهم على الرجاء بعود عافيته فيقول : قدر أينا أسوء حالا منه ثم عوفى. والاسى : جمع الاسوة وهى ما يتأسى به الحزين ويتسلى وسمى المصبر اسوة لانه يذكر هم التأسى بالماضين في موت أقاربهم وأحبابهم أو صبر هم عليه.
(٢) اى الافكار الدقيقة الصائبة.
(٣) تصام عنه أى أظهر الصمم بعدم الالتفات للعجز عن الكلام.
(٤) المراد بالكبير الذى يعظمه الوالد ، والصغير الولد. والغمرات الشدائد ، والفظيع الشديد. والاستغراق : الاستيعاب أى شدائد الموت أشد من أن يشمله بيان ووصف.
(٥) تعتدل اى تستقيم عليها بالقبول والادرك ، اى لغفلتهم عنها لا تتناسب عند عقولهم قيد ركونها.
(٦) مربوبون : مملوكون. والاقتسار : الغلبة والقهر.