[ ومقبوضون احتضارا ] ومضمنون أجداثا ، وكاينون رفاتا ، ومبعوثون أفرادا ومدينون ، [ جزاء ومميزون ] حسابا (١)
فرحم الله عبدا اقترف فاعترف ، ووجل فعمل ، وحاذر فبادر ، وعبر فاعتبر ، وحذر فازدجر ، فأجاب فأناب (٢) وراجع فتاب ، واقتدى فاحتذى ، فباحث طلبا ، ونجا هربا ، فأفاد ذخيرة ، وأطاب سريرة ، وتأهب للمعاد (٣) واستظهر بالزاد ليوم رحيله ووجه مسيله (٤) وحال حاجته ، وموطن فاقته ، تقدم أمامه لدار مقامه. فمهدوا لانفسكم في سلامة الابدان ، فهل ينتظر أهل غضارة الشاب إلا جواني الهرم؟ و أهل بضاضة الصحة إلا نوازل السقم (٥) وأهل مدة البقاء إلا مفاجأة الفناء؟ واقتراب الفوت ، ودنو الموت ، وازوف الانتقال ، وإشفاء الزوال ، وحفي الانين ورشح الجبين ، وامتداد العرنين ، وعلز القلق ، وفيض الرمق ، وألم المضض وغصص الجرض (٦).
____________________
(١) والاحتضار : الحضور والمراد حضور الموت او حضور الملائكة الموكلين بقبض الارواح ، والاجداث. جمع جدث ـ بفتحتين وهو القبر. ومضمنون اى مجعولون في ضمنها . والرفات : الحطام.
(٢) اقترف : اكتسب. والوجل : خاف. وبادر : سارع. والانابة : الرجوع إلى الله باصلاح العمل.
(٣) التأهب : التهيؤ والاستعداد. « استظهر بالزاد » اى حمل زادا حمله ظهر راحلته إلى الاخرة. أو حفظ زاده واستعان به.
(٤) في النهج « ووجه سبيله ».
(٥) البضاضة. رقة اللون. والحوانى : جمع حانية وهى العلة التى تحت الظهر وغيره ، والغضارة : النعمة والسعة والخصب. والنوازل جمع النازلة وهى الداهية والشديدة من شدائد الدهر. والاونة جمع أوان وهو الوقت. والانتظار في المواضع عبارة عن الانتهاء وكون اللواحق غايات للسوابق. وقد تقدمت هذه الجمل سابقا.
(٦) الازوف : القرب. أشفى اشفاء عليه أشرف وأشفى المريض على الموت أى قاربه.