فاتقوا الله عباد الله تقوى مؤمل ثوابه ، وخاف عقابه (١) ، فقدلله أنتم أعذرو أنذر وشوق وخوف ، فلا أنتم إلى ما شوقكم إليه من كريم ثوابه تشتاقون فتعملون ، ولا أنتم مما خوفكم به من شديد عقابه وأليم عذابه ترهبون فتنكلون (٢) وقد نبأكم الله في كتابه أنه : «من يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون (٣)». ثم ضرب لكم الامثال في كتابه وصرف الايات لتحذروا عاجل زهرة الحياة الدنيا فقال : «إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم (٤)» فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ، فاتقوا الله واتعظوا بمواعظ الله. وما أعلم إلا كثيرا منكم قد نهكته (٥) عواقب المعاصي فما حذرها ، وأضرت بدينه فما مقتها. أما تسمعون النداء من الله بعيبها وتصغيرها حيث قال : «اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الاخرة عذاب شديد. ومغفرة من الله ورضوان وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور * سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم (٦)». وقال : «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنسيهم أنفسهم اولئك هم الفاسقون (٧)».
____________________
(١) الخاف : الشديد الخوف. (٢) تنكلون : تنكصون وتخافون.
(٣) سورة الانبياء : ٩٤.
(٤) سورة التغابن : ١٥.
(٥) نهكه : بالغ في عقوبته. ونهك العمى فلانا : هزلته وأضنته. وفى بعض النسخ «لقد هلكته».
(٦) سورة الحديد : ٢٠ ـ ٢١.
(٧) سورة الحشر : ١٨ ـ ١٩.