داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبى عبدالله عليهالسلام قال : قال : إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا ، وما عليك إن لم يثن الناس عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عندالله تبارك وتعالى ، إن أميرالمؤمنين عليهالسلام كان يقول :
«لا خير في الدنيا إلا لاجد رجلين : رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا ، ورجل يتدارك منيته بالتوبه ، وأنى له بالتوبة ، فوالله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عزوجل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت ، ألا ومن عرف حقنا أو رجا الثواب بنا ، ورضي بقوته نصف مد كل يوم ، وما يستر به عورته ، وما أكن به رأسه وهم مع ذلك والله خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا (١) وكذلك وصفهم الله عزوجل حيث يقول : « والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة (٢) » وما الذي أتوا به أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون ألا يقبل منهم ، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين ، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا.
ثم قال : إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تصنع ولا تداهن.
ثم قال ، نعم صومعة المسلم بيته يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه ، إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عزوجل قبل أن يظهر شكرها على لسانه ومن ذهب يرى أن له على الاخر فضلا فهو من المستكبرين ، فقلت له : إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية إذ رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال : هيهات هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب أما تلوت قصة سحرة موسى عليهالسلام؟. ثم قال : كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه ، وكم من مستدرج بستر الله عليه ، وكم من مفتون بثناء الناس عليه ، ثم قال : إني لارجو النجاة
____________________
(١) أى هم راضون بما قدر لهم من التقية في الدنيا ولا يريدون أكثر من ذلك حذرا من أن يصير سببا لطغيانهم (منه رحمهالله).
(٢) المؤمنون : ٦٠.