يا ابن النعمان إياك والمراء ، فانه يحبط عملك. وإياك والجدال ، فانه يوبقك. وإياك وكثرة الخصومات ، فانها تبعدك من الله. ثم قال : إن من كان قبلكم كانوا يتعلمون الصمت وأنتم تتعلمون الكلام ، كان أحدهم إذا أراد التعبد يتعلم الصمت قبل ذلك بعشر سنين فإن كان يحسنه ويصبر عليه تعبد وإلا قال : ما أنا لما أروم بأهل (١) ، إنما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء وصبر في دولة الباطل على الاذى ، اولئك النجباء الاصفياء الاولياء حقا وهم المؤمنون. إن أبغضكم إلي المتراسون (٢) المشاؤون بالنمائم ، الحسدة لاخوانهم ، ليسوا مني ولا أنا منهم. إنما أوليائي الذين سلموا لامرنا واتبعوا آثارنا واقتدوا بنا في كل امورنا. ثم قال : والله لو قدم أحدكم ملء الارض ذهبا على الله ، ثم حسد مؤمنا لكان ذلك الذهب مما يكوى به في النار.
يا ابن النعمان إن المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هو أعظم وزرا ، بل هو أعظم وزرا ، بل هو أعظم وزرا.
يا ابن النعمان إنه من روى علينا حديثا (٣) فهو ممن قتلنا عمدا ولم يقتلنا خطاء.
يا ابن النعمان إذا كانت دولة الظلم فامش واستقبل من تتقيه بالتحية ، فان المتعرض للدولة قاتل نفسه (٤) وموبقها ، إن الله يقول : «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (٥)».
____________________
(١) رام الشئ يروم روما ، أراده.
(٢) تراس القوم الخبر : تساروه. وارتس الخبر في الناس : فشا وانتشر. ويحتمل أن يكون كما في بعض نسخ الحديث «المترأسون» بالهمزة من ترأس أى صار رئيسا.
(٣) في بعض النسخ «حديثنا».
(٤) كان ذلك اذا حفظ بها اصول الاسلام وأساس الدين وضرورياته والا فلا يجوز بل حرام فليس هذا بعمل التقية.
(٥) البقرة : ١٩٥.