٣ ـ ف (١) : رسالته عليهماالسلام إلى جماعة شيعته وأصحابه (٢) أما بعد فسلوا ربكم العافية. وعليكم بالدعة والوقار (٣) والسكينة والحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون منكم. وعليكم بمجاملة أهل الباطل ، تحملوا الضيم منهم ، وإياكم ومما ظتهم (٤) دينوا فيما بينكم وبينهم ـ إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم و نازعتموهم الكلام ، فانه لابد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم ـ بالتقية (٥) التي أمركم الله بها ، فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم سيؤذونكم ويعرفون في وجوهكم المنكر. ولو لا أن الله يدفعهم عنكم لسطوابكم (٦) وما في صدورهم من العداوة و البغضاء أكثر مما يبدون لكم ، مجالسكم ومجالسهم واحدة إن العبد إذا كان الله خلقه في الاصل ـ أصل الخلق ـ مؤمنا لم يمت حتى يكره إليه الشر ويباعده منه ومن كره الله إليه الشر وباعده منه عافاه الله من الكبر أن يدخله والجبرية فلانت عريكته (٧) وحسن خلقه وطلق وجهه ، وصار عليه وقار الاسلام وسكينته وتخشعه ، وورع عن محارم الله واجتنب مساخطه ، ورزقه الله مودة الناس و مجاملتهم ، وترك مقاطعة الناس والخصومات ، ولم يكن منها ولا من أهلها في شئ.
وإن العبد إذا كان الله خلقه في الاصل ـ أصل الخلق ـ كافرا (٨) لم يمت
____________________
(١) التحف ص ٣١٣.
(٢) هذ الرسالة مختارة من التى رواها الكلينى (ره) في الروضة ونقله المؤلف في هذا الجزء ص ٢١٠.
(٣) الدعة : الخفض والطمأنينة.
(٤) المجاملة : المعاملة بالجميل. والضيم : الظلم. والمماظة ـ بالمعجمة ـ : شدة المنازعة والمخاصمة مع طول اللزوم.
(٥) «بالتقية» متعلق بدينوا وما بينهما معترض.
(٦) السطو : القهر. اى وثبوا عليكم وقهروكم ، وفى بعض النسخ «لبطشوا بكم».
(٧) العريكة : الطيبعة والخلق والنفس.
(٨) مر كلام فيه ص ٢٢٢.