عمل عملا أن يستحيي من الله ، وإذا تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره (١) وإذا خر بك (٢) أمر ان لا تدري أيهما خير وأصوب ، فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه ، فإن كثير الصواب في مخالفة هواك ، وإياك أن تغلب الحكمة وتضعها في الجهالة (٣) قال هشام : فقلت له : فإن وجدت رجلا طالبا له غير أن عقله لا يتسع لضبط ما القي إليه؟ قال عليهالسلام : فتلطف له في النصيحة ، فان ضاق قلبه [ ف ] لا تعرضن نفسك للفتنة ، واحذر رد المتكبرين ، فإن العلم يذل على أن يملى على من لا يفيق (٤) قلت : فإن لم أجد من يعقل السؤال عنها قال عليهالسلام : فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم من فتنة القول وعظيم فتنة الرد ، واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ، ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده ، ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده ، ولم يفرج المحزونين (٥) بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته. فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد إلى من يؤذيه بأوليائه ، فكيف بمن يؤذى فيه ، وما ظنك بالتواب
____________________
(١) كذا. أى اذا اختص العاقل بنعمة ينبغى له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن يعطيه منها. وفى بعض النسخ «اذ تفرد له». والظاهر سقطت لفظة «لا» من قوله «أن يشارك» والمعنى واضح.
(٢) في بعض النسخ «واذا مربك أمران» وخربه أمر أى نزل به وأهمه.
(٣) قال المؤلف ـ رحمهالله ـ : وفيه حذفا وايصالا أى تغلب على الحكمة أى يأخذها منك قهرا من لا يستحقها بأن يقرأ على صيغة المجهول أو على المعلوم أى تغلب على الحكمة فانها تأبى عمن لا يستحقها. ويحتمل أن يكون بالفاء والتاء من الافلات بمعنى الاطلاق فانهم يقولون : انفلت منى كلام أى صدر بغير روية. وفى بعض النسخ المنقولة من الكتاب «واياك أن تطلب الحكمة وتضعها في الجهال».
(٤) الافاقة : الرجوع عن السكر والاغماء والغفلة إلى حال الاستقامة. وفى بعض النسخ «فان العلم يدل على أن يحمل على من لا يفيق» وفى بعضها «يجلى» مكان يملى.
(٥) في بعض النسخ «ولم يفرح المحزونين».