الرحيم الذي يتوب على من يعاديه ، فكيف بمن يترضاه (١) ويختار عداوة الخلق فيه.
يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الاخرة من قلبه ، وما اوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا ، وازداد الله عليه غضبا.
ياهشام إن العاقل اللبيب من ترك مالا طاقة له به ، وأكثر الصواب في خلاف الهوى ، ومن طال أمله ساء عمله.
ياهشام لو رأيت مسير الاجل لالهاك عن الامل.
ياهشام إياك والطمع ، وعليك باليأس مما في أيدي الناس ، وأمت الطمع من المخلوقين ، فإن الطمع مفتاح للذل (٢) واختلاس العقل واختلاق المروات (٣). وتدنيس العرض ، والذهاب بالعلم وعليك بالاعتصام بربك والتوكل عليه. وجاهد نفسك لتردها عن هواها ، فإنه واجب عليك كجهاد عدوك ، قال هشام : فقلت له : فاي الاعداء أوجبهم مجاهدة قال عليهالسلام : أقربهم إليك وأعداهم لك وأضرهم بك وأعظمهم لك عداوة وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك ، ومن يحرض (٤) أعداءك عليك وهو إبليس الموكل بوسواس [ من ] القلوب فله فلتشتد عداوتك (٥). ولا يكونن أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته ، فإنه أضعف منك ركنا في قوته (٦) وأقل منك ضررا في كثرة شره.
____________________
(١) يترضاه : أى يطلب رضاه.
(٢) في بعض النسخ «الذل».
(٣) الاختلاق : الافتراء. وفى بعض النسخ «والخلاق» والظاهر أنه جمع خلق ـ بالتحريك ـ أى البالى. والعرض : النفس والخليقة المحمودة ـ وأيضا : ما يفتخر الانسان من حسب وشرف.
(٤) وفى بعض النسخ «ومن يحرص».
(٥) في بعض النسخ «فلتشد».
(٦) الركن : العز والمنعة. وأيضا : ما يقوى به. والامر العظيم. أى لا يكون صبره في المجاهدة قوى منأك فمع قوته وكثرة شره أضعف منك ركنا وأقل ضررا.